استراتيجية مقترحة للتعامل مع الضغوط الإدارية في ضوء علاقتها بالفاعلية الذاتية لدى حكام رياضة المبارزة

Abstract AR

مشكلة البحث: يسقبل الإنسان يوميا العديد من المثيرات و المنبهات سواء أكانت مادية أو نفسية و تتطلب هذه المؤثرات استجابات تختلف وفقا لطبيعتها ووفقا للقدرات المعرفية و النفسية للشخص الذي يتعامل معها و لا تتوقف حدود هذه المؤثرات عند الحياة الشخصية للفرد و إنما تتعداها لتشمل جميع جوانب حياته وكافة أنشطته اليومية وربما يكون من أكثرها تأثيرا عليه ما يتلقاه من مثيرات الضغوط و المشقة أثناء العمل فبيئة العمل تعد مجالا حيويا للمثيرات التي قد تشكل ضغوطا على الفرد وقد تجعله يعيش في حالة من القلق والتوتر و الإنفعال متوقع أن تؤثر على أدائه لواجباته الوظيفية و آيضا على صحته النفسية و الجسدية.

و يبقى العنصر البشرى هو المحرك الأساسي لأداء جميع الوظائف لإستمرارية عملية التطوير و التطور في علم الإدارة حيث تتوقف كفاءة و فعالية أداء المنظمة على فعالية هذا العنصر الأمر الذي يتطلب تنميته و الحفاظ عليه و تحقيق التكامل والتوازن بينه و بين المنظمة التي يعمل بها بحيث يتحقق الرضا و الولاء بصفة دائمة نحو عمله إذ أن كفاءة الحكام و ولاءهم لمنظماتهم و تنامي الطاقات الإبداعية لديهم من العوامل الرئيسية لإنجاز أهداف المنظمات بشكل متكامل )8: 40)ويضيف كانون Canon"" أن هناك أنواع شتى من الضغوط في العمل منها الضغوط التنظيمية والوظيفية و الإدارية وأن جميع هذه الضغوط عندما تكون ضغوطا دائمة و مستمرة فإنها تفرض نفسها على متخذي القرار من القادة و المسئولين و تحد من قدراتهم على إنجاز الأعمال و تحقيق الأهداف في أقصر وقت ممكن و بأقل جهد كما أنها تؤدى إلى تدنى الأداء و عدم الرضا عن العمل وربما تؤدى في النهاية إلى اضطراب النظام البيولوجي لدى الفرد.

و لقد عرفت ضغوط العمل منذ القدم إلا أن الاهتمام بها كموضوع للدراسة يعد حديثا نوعا ما إذا ما قورنت بالدراسات الأخرى.

)15: 34)وتشير الإحصاءات العالمية إلى أن نسبة ضغوط العمل و الآثار المترتبة عليها تزيد في البلدان المتقدمة عن مثيلاتها في الدول النامية فعلى سبيل المثال تصل إلى (70% ) من الحكام في المملكة المتحدة (U.

K) و ( 76% ) في الولايات المتحدة الأمريكية( U.

S.

A ) إلا أن الشواهد تؤكد على انتشار ضغوط العمل في المنظمات العربية و بصفة خاصة وسط القيادات العليا في تلك المنظمات مما يضاعف من الآثار السلبية لتلك الظاهرة الوظيفية.

(17: 145 ) وقد تطورت رياضة المبارزة كرياضة أوليمبية - من حيث أساليب التدريب و اللعب و إدارة و تجهيزات المباريات و أدوات و أجهزة التحكيم و قواعد اللعبة - في السنوات الأخيرة تطورا كبيرا مما جعلها تحظى بإهتمام كبير من المسئولين عن الرياضة في كافة المستويات و يظهر ذلك من خلال تتبع نتائج البطولات لكافة القطاعات العمرية للناشئين و الشباب و لكلا الجنسين.

حيث أصبحت الرياضة بصفة عامة و بالذات المستويات العليا مرآة الشعوب و دليل حضارتها و تطورها وذلك لا يتحقق إلا بتضافر جهود المسئولين عن الرياضة في إدارتها العامة كالوزارات و المديريات التابعة لها و كذلك المسئولين عن إدارة الرياضة على مستوى تخصصي من مجالس إدارات الأندية و الاتحادات ولجانها المختلفة و منها لجنة الحكام و أعضائها و تهدف هذه الجهود إلى الوصول بمختلف الرياضات إلى أعلى المستويات.

و يعتبر التحكيم ركيزة من الركائز الأساسية في المنافسات الرياضية فهو أحيانا ما يكون عاملا في فوز لاعب أو فريق و ضياع مجهود آخر فتدريب اللاعب موسما كاملا قد يضيعه الحكم بسبب خطأ بسيط وربما يكون التحكيم سببا من أسباب حدوث الشغب داخل الملاعب و لذلك فمن الأهمية بمكان الإهتمام بالحكم للإرتقاء بمجال التحكيم و حيث أن الحكم يقع على عاتقه مسئوليه كبيره فيجب عليه التأني و الدقة و التركيز في إتخاذ القرار فهو الشخص الوحيد الذي لديه سلطة إتخاذ القرار و تطبيق مواد القانون أثناء المباراة.

و يري نبيل ندا (2009م) أن مصادر الضغط على الحكام متعددة و بعضها نسبى يؤثر على حكم و لا يؤثر على أخر و من هذه المصادر الموقف التحكيمى اللاعبون الجهاز الفني و الإداري الجمهور الإعلام لجنة الحكام.

(21: 21) و يتفق معه أسامة كامل (2004م) أن الفرد الرياضي يتعرض للعديد من الضغوط مثل ضغوط الجو المحيط من وسائل الإعلام و الجمهور و حضور شخصيات هامه و ضغوط التدريب الرياضي كالتدريب الزائد و الإجهاد و أولوية الفوز و العلاقة مع المدرب مع الإضافة إلى ضغوط المنافسة الرياضية و الضغوط الشخصية و العقلية و الاجتماعية.

(3: 49 ) و ترتبط الفاعلية الذاتية إرتباطا وثيقا بسلوك الفرد و البيئة و العوامل الإجتماعية حيث تتداخل بدرجة كبيرة كما أن السلوك الإنساني يتحدد بتفاعل ثلاث مؤثرات هي (العوامل الشخصية) و تعني معتقدات الفرد حول قدراته و اتجاهاته (العوامل السلوكية) و تعني مجموعة الإستجابات الصادرة عن الفرد في موقف ما (العوامل البيئية) و تشـمل الأدوار التي يقوم بها من يتعاملون مع الفرد.

(30: 330)ويرى ستيفن إليتو و اخرون Elliot et al (2000م) أن الفاعلية الذاتية لدى الفرد تتطور من خلال أربعة مصادر للمعلومات وهي خبرات النجاح و الفشل و الإقناع اللفظي و المقارنة بالأقران و البنية الفسيولوجية الإنفعالية.

(26: 223)ويضيف فتحى الزيات (2001م) أن وعى الفرد بفعاليته الذاتية يتوقف على المحددات التالية: فكرته المسبقة عن إمكاناته و قدراتـه و معلوماته و إدراكه لمدى صعوبة المهمة أو المشكلة أو الموقف و الجهد الذاتى المبذول و حجم أو كم المساعدات الخارجية التى يتلقاها الفرد و الظروف التى يتم خـلالها الأداء أو الإنجاز و الخبرات السابقة للنجاح أو الفشل.

(20: 491)لذلك فقد حظيت ضغوط العمل بقدر كبير من الاهتمام من حيث التعرف على أنواعها و مظاهرها و مترتباتها وكيفية التعامل معها و يظل هذا الجانب الأخير بحاجة إلي المزيد من الاهتمام وذلك لمساعدة الإفراد الذين يتعرضون للضغوط علي مواجهتها و تدريبهم علي كيفية إدارتها و سياستها اتقاء لمضارها و تقليل مترتباتها السيئة خاصة وان الكثيرين قد يتعرضون لمترتبات الضغوط فقط لأنهم لا يملكون الوسائل الفعالة للتعامل معها و لعل ذلك هو ما يفرق بينهم و بين نظرائهم الذين يتعرضون للضغوط ذاتها و بالمقادير نفسها.

(5: 6) و يقصد بضغوط العمل work stress " تلك الظروف الدينامكية التي يواجه الفرد فيها فرصا تتضمن مكاسب محتمله له و قيود تحد من قدراته على تحقيق ما يرغبه و مطالب قد تنسب في خسارته و فقد لما يرغب في تحقيقه " كما يعرف لوثانز Luthans الضغوط بأنها " تلك الاستجابة التي يقوم بها الأفراد للتكيف مع موقف خارجي و التي ينشأ عنها انحرافات جسدية و نفسية و سلوكية لأعضاء التنظيم و لمحاولة الفرد التكيف و التعايش مع البيئة المحيطة به فانه يستجيب لمطالبها ببذل مجهودات بدنية و ذهنية و نفسية بشكل قد ينتـج عنه أثار بدنية و ذهنية و انفعالية متباينة مثل التوتر و الخوف و ارتفاع ضغط الدم و الإجهاد.

( 13: 250 )ويشير كل من جيالو و ليتلي Giallo & Little (2003م ) إلي ان هناك عدة عوامل تؤثر على الفاعلية الذاتية للفرد منها السمات الشخصية و الخبرات السابقة التي يكتسبها الفرد من التجارب العملية التي يمر بها كما يلعب الإعداد الجيد و التدريب و تقديم التغذية الراجعة البناءه دورا ايجابيا في تنمية الدافعية الذاتية للأفراد مما يشعرهم بالرضا و يزيد من كفاءتهم الإنتاجية.

(27: 21) و يسعى الاتحاد الدولي للمبارزة و الاتحادات المحلية للعبة للنهوض و الارتقاء بمستويات الأداء بها فنيا و إداريا وذلك بربطها بمختلف العلوم و إجراء البحوث و الدراسات العلمية فضلا عن إعطاء أهمية خاصة في إعداد المكونات الرئيسية لرياضة المبارزة متمثلة في (اللاعب المدرب الحكم الإداري ) و يعتبر الحكم من أهم هذه المكونات لما له من تأثير هام و كبير بقراراته الحاسمة و التي تلعب دورا رئيسيا و هاما في نجاح المباريات والوصول بها لأعلي مستوي و لا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال العمل المستمر على رفع مستوي التحكيم و الذي يجب أن يكون ملازما لتطوير رياضة المبارزة.

و بما أن الحكام هم أحد المكونات الرئيسية لرياضة المبارزة ولما لهم من أهمية فهم بمثابة القاضي الذي يحرص علي إدارة المباراة في نطاق احترام القانون نصا و روحا لذا يجب أن يكونوا مهيئين أكثر من غيرهم للقيام بهذا الدور بدنيا و فنيا و ذهنيا و نفسيا و لكونهم عامل الفصل بين اللاعبين أو الفرق المتنافسة داخل الملعب فقد أصبحوا محط أنظار الجميع من لاعبين و مدربين و إداريين و جمهور.

حيث يذكر أحمد زينة (2006م) أنه مما لا شك فيه أن متطلبات التحكيم في الأنشطة الفردية و خاصة في رياضات المنازلات تختلف عن متطلبات التحكيم في الأنشطة الجماعية حيث تتفاوت المهارات النفسية من حكم إلى آخر وفقا لطبيعة المنافسة و شدتها و الجمهور و عدد اللاعبين داخل الملعب و طبيعة إحتساب النقاط.

(2: 5) كما أن التحكيم هو أحد الجوانب التي تسهم في رفع مستوى اللعبة بشكل عام لكون سلطة الحكم مستمدة من قانون اللعبة الذي ينشر العدالة أثناء قيادته للمباراة و من المعروف أن الحكم الجيد و الصائب في قراراته سيزيد من حماس اللاعبين و يشجعهم على بذل المزيد من الجهد لتطوير مستواهم و الحصول على نتائج أفضل مما يسهم بشكل فعال في إخراج المباراة بالمستوى المطلوب لمتعة الجمهور و على العكس من ذلك إذا كان غير جيد في أدائه للمباراة وغير دقيق في قراراته.

(16: 6) و من خلال عمل الباحث بمجال رياضة المبارزة تدريسا و تدريبا و مشاركة في دورات صقل طلاب تخصص إدارة و تحكيم المبارزة و اهتمامه بمتابعة البرامج التأهيلية الخاصة بالحكام فقد لاحظ اهتمام الاتحاد بصقل الحكام بالمهارات الفنية الخاصة باللعبة في ضوء التغييرات القانونية الخاصة التي تسهم في تطوير اللعبة و الارتقاء بها و لكن بعد الاطلاع على محتوي هذه البرامج توصل الباحث إلى انه لا يوجد اهتمام بتنمية المهارات الإدارية و الشخصية للحكام و من ناحية أخري لاحظ الباحث من خلال متابعته لبطولات اللعبة أن هناك بعض المشكلات التي قد يتعرض لها الحكام من اعتراضات على القرارات المختلفة في صحة اللمسة أو عدمها وغيرها من الاعتراضات التي قد توثر على الحكام خلال المباراة.

حيث يعاني بعض الحكام أنواعا كثيرة من الضغوط في حياتهم وقد تكون هذه الضغوط ناتجة عن أسباب كثيرة منها ما يرجع إلى ظروف الحكام أنفسهم و منها ما يعود إلى المباريات و المنافسات التي يحكمون بها و تختلف هذه الضغوط بحسب مصادرها فمنها ما يكون ضغوطا نفسية أو اجتماعية أو ضغوط عمل وظيفية أو مهنية أو إدارية.

وفي ضوء ما سبق يرى الباحث أهمية تناول هذا الموضوع تناولا علميا بالبحث و الدراسة في محاولة لتوصيف طبيعة العلاقات المتداخلة بين الضغوط الإدارية التي يتعرض لها حكام المبارزة و بين فاعليتهم الذاتية و من ثم اقتراح مجموعة من الاستراتيجيات للتعامل مع هذه الضغوط و تقليل آثارها السلبية على حكام المبارزة بكافة درجاتهم (محلي– دولي) أثناء قيادتهم للمباريات في محاولة علمية لتدعيم برامج إعداد و تهيئة حكام المبارزة بكل ما من شأنة رفع كفاءتهم و قدراتهم الفنية و النفسية و البدنية و المعرفية عامة و قدرتهم على التعامل مع الضغوط الإدارية و رفع فاعليتهم الذاتية بشكل خاص.

هدف البحث: يهدف البحث الحالي إلى وضع استراتيجية للتعامل مع الضغوط الإدارية في ضوء علاقتها بالفاعلية الذاتية لحكام رياضة المبارزة من خلال التعرف على: مستوى الضغوط الإدارية لدى حكام رياضة المبارزة.

مستوى الفاعلية الذاتية لدى حكام رياضة المبارزة.

العلاقة بين الضغوط الإدارية و الفاعلية الذاتية لدى حكام رياضة المبارزة.

تساؤلات البحث: 1- ما مستوى الضغوط الإدارية لدى حكام رياضة المبارزة2- ما مستوى الفاعلية الذاتية لدى حكام رياضة المبارزة3- هل توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين الضغوط الإدارية و الفاعلية الذاتية لدى حكام رياضة المبارزة