أطر معالجة البرامج الكوميدية الساخرة للقضايا المجتمعية داخل المجتمع المصري : برنامج أسعد الله مساءكم نموذجا

Abstract AR

تؤدي البرامج الكوميدية الساخرة دورا فعالا في عرض و تناول مختلف القضايا الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية حيث تتمتع هذه البرامج بالقدرة على الوصول إلى رجل الشارع العادي من خلال استخدامها للغة سهلة و بسيطة و من خلال قدرتها على إمتاع المشاهدين و رسم الابتسامات على وجوههم و لا يتوقف تأثير هذه البرامج عند هذا الحد، بل يمتد ليشمل حث المشاهدين على نقد الأوضاع و التفكير في وضع الحلول للمشكلات التي تواجههم.

⁽⁵⁶⁾ وقد سعت الدراسة موضع البحث نحو رصد و تحليل مضمون هذه البرامج بالتطبيق على برنامج أسعد الله مساءكم الذى يبث على قناة MBC مصر كعينة ممثلة لهذه النوعية من البرامج، وذلك بهدف معرفة و تحليل القيم و الأخلاقيات التي يحملها البرنامج و الأفكار التي يعتمد عليها و أساليب العرض و التقديم التي يظهر بها مقدم البرنامج و ضيوفه و كذلك البحث في قدرة البرنامج على تحقيق رسالته، و طبيعة الرؤية التي يقمها حول القضايا المثارة، و مدى التزامه بالأخلاقيات المجتمعية و المهنية، و من خلال الاعتماد على نظرية الأطر الإعلامية، وتوظيف منهج المسح الإعلامي وأداة تحليل المضمون توصل البحث إلى عدة نتائج نستعرضها فيما يلى: سيطر القالب الحواري على البرنامج المدروس يليه الجمع بين أكثر من شكل ثم التنوع ما بين الشكل الحواري و التقرير و الحواري و الصور الأرشيفية، وفي هذا دلالة واضحة على اهتمام البرنامج بتحقيق حالة من التفاعل الاجتماعي و الإنساني، تتحقق من خلال إدارة الحوار بين مقدم البرنامج و الضيف، وقد اقتصر عدد الضيوف في البرنامج على ضيف واحد فقط في الحلقة، و كانت أكثر فئات هؤلاء الضيوف الفنانين تليها فئة الإعلاميين، و أخيرا فئة الرياضيين بنسبة ضعيفة جدا.

كما قام البرنامج بالمزج بين اللغة العامية و الفصحى في عرض المضمون، و تحددت استخدامه للغة العامية في التترات و المقاطع الغنائية ذات الصلة بموضوع الحلقة، و كانت أبرز التجاوزات في لغة التقديم للبرنامج هي الإيحاءات و استخدام الألفاظ مزدوجة المعنى، ثم التشويه في نطق اللغة ثم استخدام الألفاظ الخارجة.

و من الجدير بالذكر أن الموضوعات الاجتماعية قد احتلت المرتبة الأولى من حيث اهتمام البرنامج محل الدراسة، حيث جاء ذلك معبرا عن مجموعة كبيرة من القضايا و المشكلات التي ترتبط بالمشاهد، كما اهتم البرنامج بالموضوعات الاقتصادية و السياسية، وقلت نسبة اهتمامه بالموضوعات الفنية و الرياضية و كذلك الثقافية.

و كانت أهم الأهداف الوظيفية للبرنامج هى تقديم و تجسيد ما يحدث في الواقع بشكل ساخر و إضفاء البهجة و السعادة على المشاهد كما اهتم البرنامج بمساعدة المشاهد على نسيان همومه و ضغوطه اليومية، هذا إضافة إلى سعيه نحو إثارة المشاهد و جذبه من أجل تحقيق هدف إعلاني يرتبط بتحقيق أرباح للقناة.

وقد تنوعت أساليب الإقناع و البرهنة التي لجأ إليها البرنامج في عرضه للقضايا والموضوعات المختلفة، وذلك ما بين الأساليب المنطقية مثل عرض التحليلات و التفسيرات و الحقائق والوقائع و كذلك الأرقام و الإحصائيات و الأدلة و الشواهد و الأساليب العاطفية كالتخويف و التحذير و التبرير، وفي إطار هذا التناول للقضايا والموضوعات المختلفة، اعتمد البرنامج على المعالجات التفسيرية و التحليلية في بينما اهتم بالمعالجات النقدية و التقريرية بنسب أقل.

إلى جانب ماسبق، كانت اتجاهات البرنامج نحو القوى الفاعلة المرتبطة بالقضايا المثارة سلبية إلى حد كبير تفوق اتجاهاته المحايدة و الإيجابية، مما عكس رؤية البرنامج حول التعاطف مع المشاهد و تحميل الجهات الرسمية مسئولية تردي الأوضاعأوضاعأ.

توصيات الدراسة: في إطار ما تم عرضه، يقدم الباحث مجموعة من التوصيات و المقترحات، تتمثل فيما يلي: - وضع ميثاق شرف إعلامي أخلاقي للبرامج الكوميدية الساخرة، و تفعيل تطبيق هذا الميثاق من أجل محاربة أى تجاوزات و إخضاع هذه النوعية من البرامج للرقابة المباشرة.

- تطوير القوانين و المواثيق الموجودة بالفعل، و جعلها أكثر حسما عند معاقبة كل من يتجاوز.

- إجراء دراسات أعمق للتعرف على أسباب و دوافع تأثير التعرض للبرامج التلفزيونية الساخرة في القنوات الفضائية العربية للاستفادة منها في تفسير التأثيرات الناجمة عن ذلك التعرض.

- إجراء دراسات تحليلية مقارنة لتقييم أداء مقدمي البرامج الساخرة في القنوات المصرية و العربية خاصة في وقت الأزمات.

- إجراء دراسات حول دور البرامج الساخرة في القنوات الخاصة و الحكومية على التأثير في درجة المشاركة السياسية لفئات الجمهور المختلفة و خاصة الشباب.