الإعلام العربي الجديد، من بلاغة الكلمة إلى ثقافة الصورة

Abstract AR

تتقصى هذه الدراسة التحولات المستحدثة على خارطة الخطاب الإعلامي العربي المعاصر الذي جدد أدواته التواصلية مستفيدا من مقدرات التكنولوجيا الحديثة و هذه الأخيرة نجحت في نقل التواصل الإعلامي نقلات مشهودة فجعلت من خطاب الصورة القائم على الإثارة و الإدهاش و التدفق مادة إعلامية أساسية تتقدم على خطاب الكلمة القائم على الإقناع و الإمتاع و التأمل.

و السؤال الأساس الذي تطرحه الدراسة: ما واقع اللغة عامة و العربية خاصة ضمن التصور الجديد للإعلام و ما معالم تسيد الصورة في الواقع الإعلامي الجديد وهل استثمر الأمر لخدمة قضايا الأمة أم شكل بطريقة أو أخرى تبعية للآخر ثم ما معالم اللغة الإعلامية التي تدعم خطاب الصورة وهل راعت هذه اللغة قوانين الأمن اللغوي و احترمت حرمة اللغة أم أنها وقعت في فخ تبديد اللغة و استهلاكها بدلا من إنتاجها وحماية الذوق اللغوي للمتلقي
لقد أفلحت وسائل الإعلام – رغم تسيد ثقافة الصورة - باستنهاض لغة إعلامية موسومة بسمات المعاصرة أضحت هي اللغة الأكثر رواجا و استعمالا بين عامة الناس إطلاقا.

و بات الإعلام بفضل لغته أهم وسائلنا القولية على الإطلاق.

إن هذا التسيـد في لغة الخطاب الإعلامي المعاصر غيـر العلاقة بين الفصحى ولغة الإعلام المعاصر من علاقة امتداد إلى علاقة استبداد و من ثم تراجعت مسؤوليات هذا الخطاب في مسألة النماء اللغوي.

و حتى تواكب الدراسات اللغوية واقع الإعلام المتجدد لا بد من أن تتحول في تقييم أداء اللغة الإعلامية من رصد التجاوزات اللغوية و تصويبها إلى إعادة الوعي بالكلمة و طاقتها الإبلاغية و البلاغية و سلطتها التأثيرية و الإقناعية في مواجهة تدفق الصور المتسارع الذي جاء على حساب سلطان الكلمة و العقل و إعادة الدور التوجيهي للمثقف الذي حولته الصورة إلى متلق عاجز عن التقييم نتيجة ما تمارسه سرعة التدفق من قمع ذهني تمنع التفكير من الانطلاق خارج نطاق الصورة و تسلمه إلى نطاق صورة أخرى و هكذا دواليك.