أدب الخيال العلمي : مفهومة و تاريخه و مواضيعه و أبرز كتابه

Abstract AR

تتداخل في بعض الأحيان مهمة العالم و الأديب فنرى العالم يحاول البحث في الأسس المادية و القواعد العلمية التي تنظم سلوك الإنسان و تحلل مشاعره العاطفية.

كما نرى الأديب و قد تحدى بخياله المجنح و مخيلته الخصبة لنظريات العلم و أركانه و قوانينه، يصف في بعض الأحيان مكتشفات العلم و منجزاته، و يحلق في بعض الأحيان متطلعا غد العلم و عطاء المستقبل.

لقد أصبح العلم في كل سمة من سمات حياتنا و هو في الأصل نتاج ثقافي قائم على الفكر و العقل و الخيال، و الخيال قوة لا تسير الحياة العقلية بدونها، و له في الفن عامة و في الأدب خاصة قيمة كبيرة لأن الفن كالمرأة نرى فيها صورة الحقائق و ظلالها لا الحقائق نفسها.

و كاتب القصة يحاول إظهار ما يشعر به لا ما يراه أو يسمعه فهو يعبر عما ارتسم على صفحات نفسه و يعمد إلى تصوير الأثر الذي أحس به و عدته في ذلك هو الخيال.

أما القارئ فيرى الصور عن طريق خياله، و للخيال شأن كبير في تحويل المدركات، فهو يخرج من الصامت أنماطا تفيض بالحياة و يحول المحسوس إلى معنى و الجمال إلى مدرك وجداني تهتز له النفس، و نرى المستقبل المجهول و أعماق الفضاء السحيقة و قد تحولا إلى فكرة متموجة ننعم بجمالها الفني و قوتها المعنوية.

لقد اتفق النقاد على إطلاق مصطلح (الخيال العملي) على ذلك النوع الروائي الذي يتخذ من اكتشافات العلم الحديث و اختراعاته موضوعا له، و إن كانت العلاقة بين الأدب و العلم في قصص الخيال العلمي تبدو أو قد بدت مصطنعة إلى حد ما إلا أنها تؤكد التأثير الذي يمارسه التطور العلمي على الأشكال الأدبية، فلا يكفي أن يصب الروائي مضمونة العلمي أو التكنولوجي في قالب قصصي لكي تصبح روايته من الخيال العلمي، بل يتحتم وجود العلاقة العضوية بين المضمون و الشكل بحيث يصبح العنصران شيئا أو جسدا واحدا.

إن الشكل الفني الروائي الذي يصلح لمضمون رومانسي أو شاع ري لا يمكن أن يحتوي مضمونا علميا وهذه الحقيقة الفنية أدركها أخيرا كتاب الخيال العلمي بحيث حاولوا البحث عن أشكال تناسب المضامين الجديدة.

إن أدب الخيال العلمي يهيئ الاستغراق في رحاب المتعة الفكرية، و أيضا يتيح الاطلاع على أحدث النظريات العلمية في العصر الحديث.

إن تدفق الأفكار العلمية و التكنولوجية الجديدة و الإثارات العقلية التي يندر توافرها في الألوان الأخرى من الأدب و الحبكات الدقيقة و التحليقات في أجواء الخيال و الاختراعات المستقبلية، كل هذا يؤلف عنصرا من عناصر السحر العجيب التي تفيض به قصص الخيال العلمي.