التعرب و تطبيقاته المعاصرة : دراسة فقهية لأحكام و مصاديق التعرب و الهجرة

Abstract AR

إن المكان الذي يعيش فيه الإنسان و بيئته الجغرافية و الاجتماعية لها أثرها الكبير في بناء شخصية و عقيدته و ثقافته، و قد نبه الإسلام إلى أهمية أن يحرص المسلم على اختيار المكان المناسب الذي يقيم و يسكن فيه بأن يكون متوافقا مع دينه و إيمانه لكي يضمن التواصل مع المعرفة الإسلامية بما يعزز انتمائه الإيماني، و التعرب يحصل عندما يجعل الإنسان من نفسه أعرابيا بأن يعيش حياة الأعراب، و يتخلق بأخلاق الأعراب من سكان البادية مع ما فيها من جفاء و قسوة و جهل و عدم تفقه في الدين و بعد عن منابع العلم المعرفة الإسلامية، و يأتي التعرب اصطلاحا بمعنى : هجر بلاد الإسلام بالانتقال منها إلى بلاد الكفر و الشرك و ما يترتب على هذا الانتقال من نقص في معارف المكلف الدينية، وترك التفقه في الدين، و عدم تعلم الأحكام الشرعية.

أن السفر إلى هذه البلاد و الإقامة فيها بات من أكبر المشاكل التي تواجهها الأمة الإسلامية و المجتمع الإسلامي، و من أكبر الهموم التي يكابدها المسلمون أفرادا و جماعات في هذا العصر.

و المتفق عليه بين الفقهاء أنه يحرم السفر الى البلدان غير الإسلامية أينما كانت في شرق الأرض و غربها، إذا استوجب ذلك السفر نقصانا في دين المسلم، و بشكل خاص إذا كان الغرض من ذلك السفر السكنى الدائمة، كما صرح الفقهاء بأن السكنى بين ظهراني الكفار من غير ضرورة حرام لأنه تعرب، فيحرم على المسلم الذي يسكن في بلاد الشرك و الكفر لو خاف من نقصان دينه ودين أولاده البقاء في هذه البلاد، و عندها يجب على المسلم المتوطن في البلاد غير الإسلامية العودة الى البلدان الإسلامية إذا علم أن بقاءه بها يؤدي الى نقصان دينه أو دين أولاده الصغار.

و يتحقق ذلك النقصان بترك الواجبات أو فعل المحرمات و المناط في الحكم بحرمة التعرب إنما هو لقلة الدين و عدم القدرة على معرفة الأحكام و اظهار الشعائر الذي يحصل بسبب الإقامة في البادية أو في بلاد الشرك و الكفر، لذا تجوز الإقامة في بلاد الشرك إذا كان المسلم يستطيع أن يحافظ على وظائفه الدينية بحرية و التي منها الحفاظ على دين زوجته و أولاده فلا يكون بقاءة من التعرب فيجوز له أن يقيم في البلدان غير الإسلامية إذا لم تشكل عائقا عن قيامه بالتزاماته الشرعية بالنسبة الى نفسه وعائلته حاضرا و مستقبلا.

ولما كان السفر إلى بلاد الشرك و الكفر الذي ابتليت به الأمة الإسلامية في العصر الحاضر و هو من أبرز مصاديق التعرب المحرم، جاء هذا البحث ليفتح نافذة على الواقع المعاصر، و ما يحصل فيه من التعرب المذموم، فقد تناول البحث مصاديق و أحكام الهجرة و التعرب و تطبيقاته.