المضامين العقدية المستنبطة من الأذكار الشرعية الواردة في كتاب حصن المسلم و تطبيقاتها في الأسرة : دراسة تحليلية

Abstract AR

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين.

.

.

و بعدفمن الحكم الربانية في التشريع تهذيب السلوك و تقويم الأخلاق و غرس القيم، و من هذه التشريعات الإلهية عبادة الذكر فله الأثر الأكبر و النصيب الأوفر و التأثير المباشر في سلوك الأنسان و أخلاقه و تعاملاته، و تشترك فيه سائر العبادات القولية و الفعلية و القلبية، و من هنا جاء الأمر بالإكثار من الذكر والمواظبة عليه في جميع ممارسات الإنسان الحياتية و على كل حال من أحواله، قال تعالى: ﴿ يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا * و سبحوه بكرة و أصيلا ﴾ [ الأحزاب – 41].

و بين عليه الصلاة و السلام أنه سبيل النجاة، كما في حديث عن عبد الله بن بسر، أن رجلا قال: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي، فأخبرني بشيء أتشبث به، قال: «لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله» (الترمذي، برقم 3375، 5 /457)، و يعد الذكر من أهم المقومات التي تساهم في استقرار الفرد و رفع معنوياته، و ضبط سلوكياته و تسديده في تصرفاته، و سلامة معتقده.

فالنصوص التي تناولت موضوع الذكر بجميع جوانبه، اكتنزت كما هائلا من المضامين العقدية القيمة التي ما إن أخذ بها المسلم و فعلها في مجال حياته إلا كان له من الأثر الطيب و العاقبة الحسنة بقدر ما أخذ منه، و فاته من بركاتها و خيراتها بقدر ما ترك منها.

فالذاكر لله محاط بعنايته و حفظه، و من حفظه سبحانه جمع عليه شمله، وكفاه شر عدوه من الأنس و الجن" فلا سبيل للشيطان عليه أبدا، قال: ابن القيم -رحمه الله- "الذكر يطرد الشيطان و يقمعه و يكسره" (ابن القيم، 1437ه، ص94).

و إدراكا لهذا الأمر فقد اجتهدوا العلماء -رحمهم الله- من السلف و الخلف في التصانيف المتنوعة لجمع الأذكار الصحيحة، ككتاب (حصن المسلم) للشيخ الدكتور: سعيد بن علي بن وهف القحطاني – رحمه الله - و يعتبر من المؤلفات المعاصرة التي جمعت أذكار عمل اليوم و الليلة في حياة المسلم بطريقة سهلة ميسرة، وقد جعل الله لهذا الكتاب القبول في الأرض، فانتفع به الكثير في أرجاء المعمورة، و ترجم إلى ثلاث و أربعين لغة عالمية أو تزيد، و تعاد طباعته سنويا بالملايين، و لا يكاد أن يخلو منه بيت و لا مسجد و لا مكتبة.