مقام السيدة فاطمة عليها السلام في السنة النبوية : البحث الفائز بالمركز الثالث بجائزة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام للإبداع الفكري

Abstract AR

البحث الفائز بالمركز الثالث بجائزة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (ع) للإبداع الفكري اختصت السيدة فاطمة بمكانة متميزة في السنة النبوية الشريفة، فقد أفاضت الأحاديث والروايات ـ التي ليس من اليسير إحصاءها لكثرتها وتعدد مصادرها - عن هذه المكانة، ولهذا فقد أفرد بعضهم فصولا أو مؤلفات بأكملها لتناول هذا الجانب في كتب الحديث والمناقب وغيرها، لذا يجب الوقوف والتأمل في تلك النصوص و مدلولاتها لاسيما إذا أدركنا إن النبي لم يكن بالذي تدفعه العاطفة المجردة إلى إطلاق أحاديث أو إضفاء سمات على أشخاص ليسوا جديرين بها لأنه: [وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى] سورة النجم آية 3 ـ 4، وما قوله إلا: [إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ] سورة التكوير آية 19 ـ 21.

و بناءً على ذلك لا يمكن أن نفترض إن اهتمام النبي بابنته السيدة فاطمة كان للعاطفة الأبوية أو لما امتازت به من صفات و كمالات روحية تستحق الإجلال و التعظيم؛ و إنما لا بد من أهداف أسمى تقف وراء كل قول و فعل صدر منه بحقها.

إن طبيعة علاقتها بأبيها النبي لم تقف عند حدود البنوة له بل نجدها تقدم مثالا يحتذى به في حبها له و معاملتها معه كنبي مرسل أوجب الله محبته و طاعته، إذ روي عنه i قوله: " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده و ولده والناس أجمعين فكانت J تنظر إلى أبيها i نظرة المؤمن المتعبد المطيع، على الرغم من علمها بمدى حبه ومودته لها، فلم تسمح لصلة البنوة بتجاوز آداب النبوة، لذا نجدها تقول : " لما نزلت هذه الآية [لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا] سورة النور آية 63، هبت رسول الله أن أقول له : يا أبه، فكنت أقول: يا رسول الله،...

فقال لي : يا فاطمة إنها لم تنزل فيك، و لا في أهلك، ولا في نسلك، أنت مني و أنا منك، إنما نزلت في أهل الجفاء والغلظة من قريش أصحاب البذخ و الكبر، قولي : يا أبه فإنها أحيا للقلب و أرضى للرب