الأمير عبد القادر الجزائري و جهوده في النهضة العربية مغربا و مشرقا

Abstract AR

يعد الأمير عبد القادر بن محيي الدين الجزائري من الشخصيات المتميزة في تاريخ الجهاد و مقاومة المستعمر في الجزائر بصفة خاصة، و تاريخ حركات المقاومة في شمال إفريقيا و العالم الإسلامي بصفة عامة، و علامة واضحة في التاريخ العسكري العالمي.

عرف عنه بأنه مجاهد صبور، وقائد فذ، و محاور ناجح، باعتراف الأعداء قبل الأصدقاء، و الفضل بما شهدت به الأعداء.

له موقعه الجلي في تاريخ الجزائر المعاصر، إذ لا تذكر الجزائر إلا بذكر الأمير عبد القادر، و لا يذكر الأمير إلا مقرونا ببلده الجزائر.

وقد قيل الكثير و الكثير حول الأمير عبد القادر، وسال المداد حوله بدون أن يجف، و بكل اللغات و الخلفيات و الأهواء السياسية و التاريخية و الأدبية، و كان محور كتابات متنوعة منها مذكرات و مراسلات و قصائد قيلت في جهاده ضد الدخيل الفرنسي و من و الاه، وفي أدبه و فكره.

و يدل كل ذلك على الاهتمام الذي حظيت به شخصية الأمير عبد القادر سواء ممن عاصروه، أو ممن أتوا بعده و سمعوا عنه.

لذلك عد الاهتمام بشخصية الأمير عبد القادر من أهم المسائل التي تستحق البحث و الدراسة لأنها تشكل حلقة من حلقات تطور مجتمعنا الفكري و الوطني، و الأمير عبد القادر ليس مجرد شخصية بطولية تاريخية قاومت أكبر قوة في عصرها، و إنما هو أيضا رجل فكر، اهتم بقضايا مجتمعه في جميع مجالاته الثقافية و السياسية و الاقتصادية و الفقهية و الحضارية و الصوفية و غيرها، و حمل همومه، و بنى هويته، و يعد قطبا من أقطابه يرجع إليه الفضل في الحفاظ على كينونته و استمراره عبر تأصيل مفاهيم خاصة به ثم إعادة بنائها لتتوافق مع متطلبات مجتمعه و عصره.

لأن أفكاره كانت نابعة من واقعه و معبرة عنه و متأسسة عليه فواقعه هو أصل تفكيره، و من ثمة فإن آراءه و أفكاره كانت متشبعة بروح مجتمعه و أصالته، و كان كالجبل الشامخ الذي يحتوي على كنوز متعددة و مجهولة من يستطلع خباياه يكتشف في كل يوم معدن جديد و ثمين، و إنني على يقين أن فكره مازال يحتوي على كنوز كثيرة، و لكن باستعدادنا للبحث فيه و التنقيب عنه يمكننا إماطة اللثام عما خفي منه عنا، و هذا ما تحاول هذه الورقة القيام به