تداخل الاختصاص بين أحكام التصميمات الصناعية و أحكام حقوق المؤلف : دراسة تحليلية لبعض نصوص القانون المصري المتعلقة بحماية التصميمات الصناعية مع عرض موجز لأحكام قوانين الولايات المتحدة و قوانين الاتحاد الأوربي في شأن موضوع الدراسة، و كذلك عرض موقف الاتفاقيات الدولية

Abstract AR

التصميمات الصناعية هي المظهر الزخرفي أو الجمالي لسلعة ما و هي تطبق على طائفة واسعة من المنتجات الصناعية و الحرفية، بما في ذلك تشكيلة الخطوط و الأنماط و الألوان و الأشكال المجسمة التي تعطي المنتج الصناعي أو الحرفي مظهرا مختلفا عن غيره من السلع المشابهة، و هذا المنتج أو السلعة قد يتكون من عناصر ثنائية الأبعاد كالرسوم الصناعية الموجودة على الأقمشة و المنسوجات، و قد يتكون من عناصر ثلاثية الأبعاد كالنماذج المتجسد فيها شكل السلعة، و لا يشترط أن تكون لها قيمة فنية كي تتمتع بالحماية، فالحماية واجبة قانونا سواء كانت لها قيمة فنية أو لم تكن لها أية قيمة فنية طالما توافرت فيها الشروط المطلوبة قانونا.

إذا كان للرسم قيمة فنية و كان غير قابلا للتطبيق الصناعي، فهذا الأمر لا يثير أية صعوبات و تكون حمايته القانونية بموجب أحكام حق المؤلف، أما إذا كان للرسم قيمة فنية و كان قابلا للتطبيق الصناعي، هل يعتبر ذلك فنا صناعيا و يجوز حمايته طبقا لأحكام حق المؤلف أم يظل خاضعا لأحكام التصميمات الصناعية و يحرم بذلك صاحب الرسم من حمايته باعتباره فنا، أم يتم حمايته حماية مزدوجة بموجب أحكام التصميمات الصناعية و أحكام حق المؤلف.

و نظرا لأهمية الرسوم الفنية المستخدمة في الصناعة نجد بعض الدول قد اتجهت إلى حماية أعمال الفن التطبيقي المستخدم في الصناعة بموجب أحكام حقوق المؤلف بينما رفضت دول أخرى ذلك و حافظت على الفصل التام بين المصنفات الفنية و الأعمال الصناعية و منعت حماية المصنفات الفنية المطبقة في الصناعة بموجب أحكام حق المؤلف، و لعل اقتراب التصميمات الصناعية من المصنفات الفنية في عنصر محاكاة عين و حس المستهلك بالإضافة لتداخلهم أثناء التطبيق العملي، كان سببا و راء انتهاج بعض الدول لطريق حماية المصنفات الفنية المستخدمة في الصناعة بموجب أحكام حق المؤلف و بدأت في مطالبة الدول الأخرى بانتهاج نفس المنهج عن طريق الاقتراحات المستمرة بإدراج أعمال الفن التطبيقي المستخدم في الصناعة ضمن قائمة اتفاقية برن التي تشملها الحماية طبقا لأحكامها، و هذا ما حدث من جانب بعض الدول كفرنسا و ألمانيا و إيطاليا و بلجيكا و تونس حيث حاولوا كثيرا إدراج هذا النوع ضمن نصوص اتفاقية برن ليتم حمايته طبقا لأحكام حق المؤلف إلا أن هذا الاقتراح قد قوبل بالرفض كلما قدم في مؤتمرات تنقيح نصوص الاتفاقية طيلة نصف قرن من الزمان، إلى أن تم إدراجه ضمن نصوص اتفاقية برن في تعديل بروكسل بعد شطب كلمة الصناعة من الاقتراح الفرنسي المقدم بناء على طلب من المملكة المتحدة تخوفا من التوسع في تطبيق ذلك إلى مجالات أخرى، و بذلك أدراجت أعمال الفن التطبيقي ضمن القائمة التي تشملها الحماية بموجب اتفاقية برن.

وحين إبرمت اتفاقية التربس عرض عليها هذا الأمر في محاولة من بعض الدول لإدراجة و التأكيد عليه بشكل آخر، لكن التربس أتاحت الدول الأعضاء الحرية في اختيار القانون المنظم لحماية أعمال الفن التطبيقي المستخدم في الصناعة سواء بموجب قانون خاص بالتصميمات أو بموجب القانون المنظم لحق المؤلف، مع احترامها لما سبق أن نصت عليه اتفاقية برن، وكل ما فعلته أن ألزمت الدول الأعضاء بحماية التصميمات الصناعية بوجه عام و تصميمات المنسوجات بوجه خاص و اشترطت على الدول الأعضاء بألا تضع شروطا مجحفة كمتطلب لمنح الحماية لها مما يؤدي إلى إضعاف فرص حماية تصميمات المنسوجات.

تظهر مبررات حماية الرسم أو النموذج الصناعي بموجب أحكام حق المؤلف في اقتراب الرسم الصناعي من الرسم الفني في الأسلوب التعبيري المحاكي للعين، و الذي يخاطب الجمهور من خلال المظهر الخارجي الذي يختاره المصمم للمنتج الصناعي، فارتباط الرسم الفني مع المنتج الصناعي كونه يزينه أو يتجسد فيه إذا ما تم وضعه عليه أو تجسد فيه المنتج يعتبر من أحد أسباب المطالبة بحمايته بموجب أحكام حق المؤلف باعتباره مصنفا فنيا، و لكن من غير المقبول حماية التصميمات الصناعية بموجب أحكام حق المؤلف على الإطلاق و هذا لا يجوز إلا لبعض التصميمات التي يتوافر فيها بعض الشروط التي تختلف من قانون للآخر.

فبالبحث في نصوص القانون المصري نجد أنه لم يمنع مصنفات الفن التطبيقي من الحماية بموجب أحكام حق المؤلف إلا أنه قد منحها مدة حماية أقل من تلك الممنوحة للمصنفات الفنية و التي قدرت بـ خمسة و عشرون عاما من تاريخ نشرها أو أتاحتها للجمهور.

أما النظام المعمول به في الاتحاد الأوروبي، فهو يلزم الدول الأعضاء في الاتحاد بتطبيق نوع من الحماية للتصميمات الصناعية، حيث أن التصميم المحمي بموجب قانون التصميمات الصناعية في دولة عضو بالاتحاد الأوروبي يكون مؤهلا للحماية بموجب قانون حق المؤلف لتلك الدولة اعتبارا من تاريخ إنشاء أو تسجيل التصميم.

ولم يختلف الأمر كثيرا في الولايات الأمريكية، حيث تتوفر حماية للتصميمات الصناعية في المقام الأول بموجب قانون البراءات فيما تسمى ببراءة التصميمات، و من بعدها تتوافر حماية أخرى بموجب قانون حق المؤلف إلا أنها حماية محدوده و تكون لتصنيفات محددة من التصميمات، حيث يوفر قانون حق المؤلف الأمريكي حماية لبعض الرسوم و النماذج الصناعيةوفي النهاية نستطيع القول بأنه إذا اختلفت أشكال حماية أعمال الفن التطبيق المستخدم في الصناعة فمن الواجب على الدول فرض حماية لها بأي طريقة و طبقا لما تراه مناسبا، فلم تفرض الاتفاقيات سوى حمايتها بما يتلائم و قوانين الدولة الداخلية فيمكن تطبيق قوانين و أحكام مختلفة للملكية الفكرية لتلك الحماية ما دامت متطلبات الحماية مستوفاة، حيث يمكن حمايتها قانون خاص بها ينظم أحكامها أو بموجب أحكام حق المؤلف أو حتى بموجب قانون البراءات الذي يمنحها حماية تسمى براءة التصميم.