فعالية برنامج معرفي سلوكي في تخفيف الكمالية العصابية لدى طلاب كلية التربية

Abstract AR

إن السعي و راء الكمال هو الخوف العظيم من الشعور بعدم الكفاءة بأنفسنا و من أنفسنا.

فإذا ارتكبنا خطأ ما، فإن ذلك سيكون بمثابة أبلغ دليل على عدم قيمتنا.

و لذلك نحاول السيطرة على مخاوفنا عن طريق محاولة الوصول إلى الكمال، و الكمال مستحيل.

إن كلا منا سوف يخطئ مرارا و تكرارا و لن يرقي أحد منا للمستوى النموذجي المثالي.

و مع ذلك، فإن العديد من الناس يواصلون المحاولة، و يؤنبون أنفسهم بلا رحمة عند التقصير.

إننا ندفع ثمنا باهظا في سعينا للوصول إلى الكمال، وفي طريقة معاملتنا لأنفسنا و لأزواجنا و أطفالنا.

إن السعي و راء الكمال يجعل عالمنا صغيرا لأنه لا يسمح لنا أن نتعلم و بالتالي ننمو.

إننا نتعذب مسبقا قبل اتخاذ القرارات لأننا نخشى أن تكون خاطئة.

نخشى أن يتهمنا الآخرون بالادعاء و الاحتيال.

إننا في الواقع نقوم بأشياء أقل من الآخرين لأننا نهتم بالقيام بالمهام بشكل متقن إلى أبعد حد مما يؤدي إلى أننا لا نفعل أي شيء تقريبا.

لا نفرح بنجاحنا لأن كل ما نراه هو أن عملنا كان يمكن أفضل (إم.

جيه.

رايان، 2005: 34-35).

فالكمالية تعد من العوامل الأساسية الدافعة للكائن البشري في كثير من سلوكياته، و لكن قد يستخدم كثير من الأفراد وسائل سلبية من أجل إشباع هذا الدافع، مما يسبب لهم كثيرا من المشكلات النفسية و الاجتماعية، فقد تتحول الكمالية إلى عامل هدم لا عامل بناء إذا كانت نزعة مسرفة الشدة تسيطر على الفرد، و لا يستطيع كبح جماحها، مما يجعل حياة الفرد صراعا لا يهدأ، فما ينفك الفرد يتخلص من صراع محدد حتى يقع في صراع آخر لا يستطيع الفكاك منه (أشرف محمد عطية، 2009: 314).

فعلى الرغم من أن السلوك الكمالي يمثل حاجة إنسانية تدفع إلى التميز، و الإنجاز، و التطوير، و تحقق الذات، إلا أنه عند سعى الفرد للتميز و الكفاح من أجله، قد يتبنى أهدافا و معايير غير واقعية كمحددات لسلوكه، و يجعل من رضا الآخرين و الحصول على إعجابهم و استحسانهم مصدرا رئيسا للرضا و التدعيم، بيد أن هذا لا يتحقق بسهولة عندئذ يجد الفرد نفسه في مساحة واسعة بين التوقع والواقع تدفعه للكمالية في إطارها العصابي و ليس السوي (عبد الله جاد محمود، 2010: 3).

فالكمالية العصابية تسبب الكثير من المتاعب للفرد في حياته الأسرية و الاجتماعية و الدراسية و المهنية، فقد يكون الطالب في قمة نجاحه و مع ذلك يحاول الانتحار نتيجة احساسه بالعجز و الاستسلام لزيادة حساسيته بالفشل مما يؤثر على كفاءته الأسرية فقد يتأخر و يؤجل و يعتذر عن دراسته، كما أنه قد يؤدى إلى سوء الأنشطة الاجتماعية للطالب و العلاقات الأسرية و الاجتماعية عامة (بشرى إسماعيل أرنوط، 2015: 30).

فالكماليون العصابيون لديهم معايير شخصية غير واقعية و يرون العالم من زاوية الانحرافات المعرفية السلبية التي تؤدي إلى نقد الذات و عدم الثقة بالنفس، و عدم قبول الأخطاء (عماد متولي أحمد ناصف، 2013: 136).