فلسفة ابن يسير الرياشي في ديوانه الشعري

Abstract AR

يتناول هذا البحث فلسفة الشاعر ابن يسير الرياشي التي استنها لحياته من خلال ديوانه الشعري، فالنسق العام الذي سار عليه هذا الشاعر لا يشابه النسق العام لعصره وغيره من الشعراء، ففلسفته في الحياة اعتمدت على التواكل و حسن الإقبال على الحياة.

حيث تميز بفلسفة خاصة جعلته يتجه بشعره إلى ذاته و ما يحيط بها، ولم يتكسب أو يرتزق بفنه، و ابتعد عن مدح الناس، بل وقف شعره كله على نفسه.

يبث همومه، و يعرض المشاكل التي تواجهه في هذه الحياة، و يقدم رؤاه حول موضوعات الحياة بشكل عام، الحياة التي يعيشها و يطمح إليها.

و لبناء القصيدة عنده طرائق تختلف عما سار عليه الشعراء، فالاهتمام بالموضوع الشعري أولى من الاهتمام بالفنيات الشعرية، و امتازت طرقه التعبيرية بالبساطة؛ إذ عبر عنها بعفوية فطرية و حساسية عالية، جعلت له أسلوبا شعريا ميزه عن غيره من الشعراء فيه حسن توافق بين المعنى الشعري و الأسلوب.

و أغلب قصائده كانت على شكل مقطوعات شعرية هدف من خلالها أن يبرز الجو النفسي الذي تكتنزه هذه النفس سواء أكان الجو العام الذي يسيطر عليه حزنا أو سعادة أو شكوى أو تذمر.

و نهدف من خلال هذه الدراسة إلى بيان هذه الفلسفة التي سار عليها هذا الشاعر في ديوانه و سنتطرق إلى دوافعها و مسبباتها، و الكشف عن أساليبه التي سهلت له هذا الأسلوب.

حرصنا لاستيفاء كافة عناصر الموضوع دفعنا لاستدعاء المنهج التكاملي و الاعتماد عليه في بلورة كافة عناصر البحث، لأن الاقتصار على منهج محدد يعود سلبا على بعض تلك الجوانب.

سعينا في هذا البحث في الوقوف على القصائد و النماذج الممثلة لفلسفة الشاعر الفريدة و المتميزة، و من الجدير ذكره أن هذه الدراسة لا تبحث فقط في فلسفة الشاعر و إنما تبحث في طريقة الإبانة عنها و مدى قدرته و براعته في ذلك.

أما نتائج البحث، فقد جاءت لتؤكد نضج موهبة الشاعر و قدرته البارعة على توظيف صور الحياة المشاهدة و تضمينها في إطار الصورة الشعرية، هذا التوظيف يدل على عمق اتصال الشاعر بحياة مجتمعه، هذه الفلسفة استنها ابن يسير لنفسه من خلال المعاني الشعرية التي أوردها في ديوانه الشعري.

ففلسفته الشعرية اعتمدت على تقديم نفسه عالما أولا، و شاعرا في المرتبة الثانية، و الأسلوب الذي سلكه في التعبير عن معانيه ببساطة و وضوح، صنع لنفسه فلسفة ميزته عن شعراء عصره.

إذ وجه الخطاب الشعري للداخل–نفس الشاعر- و ليس للخارج.

فلسفة عبرت عن الهموم التي تكتنزها هذه النفس بأسلوب شعري جميل أسهم في تحقيق الهدف المراد و دفع لتخليد الصورة الشعرية إذ أكسبها الشاعر بعفويته و صدقه حيوية و جمالا، جعلا هذه الصورة محط الأنظار لأنها عبرت بصدق عما تحتاجه هذه النفس، فالشاعر لم يحرص من خلال أشعاره إرضاء الآخرين بل حرص على بث همومه و رسالته.