يحي الغزال : سفير الغرام في بلاط ملك المجوس

Abstract AR

كان الشاعر الأندلسى يحي بن الحكم البكري الجياني المعروف بالغزال (156-250هـ)، شاعرا متمكنا من لغة الشعر ولسان العرب، تعكس أشعاره ولعه بالجمال و الغرام، و ذكاء و رشاقة في العبارة.

و بهذا السمات تمكن من إتمام مهمته الدبلوماسية بنجاح إلى بلاط ملك المجوس شمالا عام 230هـ.

و الناظر إلى سيرته الذاتية يكتشف للوهلة الأولى أنه كان محل ثقة الأمير الأموي عبد الرحمن الثاني (206-238 هـ/822-852م) في الأندلس، مما أهله لأن يكون سفيرا خاصا له إلى القسطنطينية، عاصمة الروم (البيزنطيين)، زمن الإمبراطور ثيوفيلوس Theophilus ( 829-842م)، ثاني أباطرة الأسرة العمورية، لتقوية العلاقات بين الأندلس و بيزنطة في مواجهة الدولة العباسية في المشرق الإسلامي زمن المأمون و المعتصم، و التي شكلت عدوا مشتركا لهما؛ و يأتي نجاحه في السفارة إلى القسطنطينية عام 225هـ/839-840م و ما دار فيها إلى تكليفه بسفارة تالية إلى بلاد المجوس شمالا عام 230هـ/844م؛ كما أسماها الكتاب المسلمون نظرا لأن أهلها كانوا يكثرون إيقاد النيران، أو لأنهم كانوا آنذاك لا يزالون على الوثنية.

و تعكس الروايات التي وصلت لنا كيف وقع يحيى الغزال في أسر جمال الملكة نود Nud زوج ملك المجوس (الدانمارك)، حتى أنها أدمنت عباراته الرقيقة و شعره الآخاذ، فصار الغزل على لسانه كلما رآها، فأعتادت –رغما عنها- رؤيته كل يوم طوال مدة إقامته ببلاد ملك الدانمارك و الاستماع إلى حلو كلامه، حتى عرضت عليه جوار لها ليستحسن منهن ما يشاء.

إلا أنه أبى، و تعلل بأن عشقه لجمال نود يفوق كل جارية؛ فتزداد ولعا به، و تجزل إليه العطاء كلما ذهب إلى قصرها أو انصرف.

و تسلط هذه الورقة الضوء ليس فقط على براعة يحيى الغزال في الدبلوماسية لتحقيق مآرب الأمير عبد الرحمن الثاني بإتمام الوصل مع دول الجوار سواء مع مملكة النورمانديين شمالا أم مع الإمبراطورية البيزنطية شرقا؛ بل أيضا على ما كان يملكه يحيى الغزال من حلاوة اللسان و ذكاء العبارة و رشاقتها و دقة معانيها و استخدامه للغزل وسيلة دبلوماسية.