الحماية القضائية لمبدأ التوقع المشروع في المنازعات الإدارية و أثرها على تشجيع الاستثمار : دراسة مقارنة

Author

النمر، يحيى محمد مرسي

Source

مجلة القانون و الاقتصاد

Issue

Vol. 2021, Issue 94 (sup) (31 Dec. 2021), pp.231-452, 222 p.

Publisher

Cairo University Faculty of Law :

Publication Date

2021-12-31

Country of Publication

Egypt

No. of Pages

222

Main Subjects

Law

Topics

Abstract AR

جاب الفيلسوف الصيني "كونفوشيوس" «Confucius» تلميذه "زيجونج" «Zigong» قبل أكثر من الفي عام عندما سأله عن الحكومة؛ فأجابه بأنه حتى توجد حكومة يتعين توافر ثلاثة أشياء و هي: السلاح و الغذاء و الثقة «Weapons، food، and trust»، و إذا كانت الحكومة لن تستطيع توفير تلك الأشياء مجتمعة فعليها بالتخلي أولا عن "السلاح"، ثم بالتخلي ثانيا و بالترتيب عن "الغذاء"، و لكن لا يمكن -مطلقا- للحكومة أن تتخلى عن "الثقة"، بل يجب عليها أن تتمسك بتوفيرها للشعب حتى النهاية، فبدون ثقة لا يمكن لأي حكومة أن تقف على قدميها([1]).

ولدينا جميعا توقعات أو "ثقة" فيما يتعلق بسلوك الآخرين في علاقتنا الاجتماعية سواء بمجموعات أو بأفراد، و تستند توقعاتنا «Our expectations» تلك على خبرتنا و ضمير هؤلاء الأفراد و ما نفترضه في سلوكهم بالمستقبل، و بالمثل تظهر تلك التوقعات في الحياة الاقتصادية «Economic life» للشعب في مواجهة دولته، و أيضا بالنسبة للمستثمر الأجنبي «Foreign investor» في علاقته بالدولة المضيفة «The host State»، و رغم ذلك لا يزال نطاق الحماية و عناصر تلك التوقعات من المسائل غير و اضحة، و نتيجة لذلك تقوم الجهات التي تفصل في منازعات الاستثمار بالاعتماد على الأحكام السابقة التي صدرت في ذلك الشأن دون أن تحاول شرح أساس و نطاق تلك الحماية([2])، و لا يعني الحق في حماية التوقعات المشروعة جمود القواعد القانونية و عدم تعديلها، بل يعني الحق في الانتقال السلس «Droit à une transition en douceur» من حكم قاعدة قانونية إلى أخرى([3]).

وفي البداية كان على المستثمر الأجنبي أن يحمي توقعاته المشروعة أو "ثقته المشروعة" بالدولة المضيفة عبر الضغط على سفارته للتواصل مع حكومة تلك الدولة للتخفيف من الآثار السلبية للقواعد و الإجراءات التي تم اتخاذها و انتهكت توقعاته المشروعة، ولم تحقق تلك الوسيلة نجاحا كبيرا، و من ثم لا يمكن الاعتماد عليها؛ فنجاحها يعتمد -إلى حد كبير- على طبيعة العلاقة بين هاتين الدولتين، و تعد حماية ذات طبيعة سياسية «Political in nature»، و يلاحظ على الدول النامية أنها غنية بالموادر الطبيعية و العمالة رخيصة الأجر و التي تعد من أهم عناصر جذب الاستثمار، لكنها في ذات الوقت تعاني العديد من أوجه الخلل و القصور في نظام العدالة، لذا بدا أنه من الملائم للمستثمر البحث عن آليات أخرى غير القضاء الوطني بتلك الدول لتحقق له الأمن القانوني، حتى يتخذ قراراه بالاستثمار فيها([4]).

و تهتم معظم الدولة بحماية التوقعات المشروعة «Confiance légitime»، «Legitimate expectation» للأفراد بشكل عام و للمستثمر على نحو خاص، و يعد من أهم عناصر مبدأ الأمن القانوني «Sécurité juridique»، و هو ما أكده القضاء الدستوري ببعض الدول بالرغم من عدم وجود نص صريح بالدستور على مبدأ "الثقة المشروعة" أو "التوقعات المشروعة"، كالمحكمة الدستورية الفيدرالية الألمانية استنادا للمادة (٢٠) من الدستور، و المحكمة العليا الإسبانية استنادا للمادة (٩) من الدستور، و الملاحظ أن هاتين المادتين تناولتا "مبدأ سيادة القانون"، في حين أنكر المجلس الدستوري الفرنسي ذلك المبدأ صراحة في العديد من أحكامه حيث قضى بأنه "لا توجد أي قاعدة دستورية تتضمن ما يعرف باسم التوقعات المشروعة" «Qu'aucune norme constitutionnelle ne garantit par ailleurs un principe dit " de confiance légitime "»([5])، لكن -ما نميل إليه- هو إمكانية استنباط ذلك المبدأ من ديباجة دستور الجمهورية الخامسة التي نصت على التمسك بمبادئ إعلان حقوق الإنسان والمواطن ١٧٨٩ بفرنسا، و أيضا من المبادئ التي جاءت في العديد من تعديلات الدستور الأمريكي ١٧٨٧ بالولايات المتحدة الأمريكية، في حين تنص دساتير بعض الدول على حماية التوقعات المشروعة صراحة كالدستور الحالي لدولة جنوب افريقيا في المادة (٢٣) منه.

و يتحقق الأمن القانوني عن طريق حماية الأفراد من التغييرات المتكررة و المفاجئة للقواعد القانونية، و هو ما أكده مجلس الدولة الفرنسي في تقريره الصادر سنة ٢٠٠٦ بعنوان الأمن القانوني و تعقد القانون «Sécurité juridique et complexité du droit»([6])، وقد أكد في مقدمته على أن مبدأ الأمن القانوني لا يظهر في القانون الإداري الفرنسي و لا في الدستور، حتى أن البعض يدعي أنه من المبادئ المستترة أوالسرية «Clandestin»، و رغم ذلك فإنه يشتمل على العديد من التطبيقات الأساسية في القانون الفرنسي كالقدرة على التنبؤ بالقانون، ووضوح القاعدة القانونية و سهولة الوصول إليها، و استقرار المراكز القانونية، و هو ما أكدته محكمة العدل الأوروبية و المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وقد كان لذلك كبير الأثر على أحكام القضاء الفرنسي فيما بعد، خاصة فيما يتعلق بالمنازعات التي يكون فيها قانون الجماعة الأوروبية «Droit communautaire» أو قانون الاتحاد الأوروبي هو القانون واجب التطبيق على النزاع.

في حين تفضل المحاكم الأمريكية استخدام مصطلح مبدأ الإتساق «The consistency principle» بدلا من التوقع المشروع «Legitimate Expectation»، و يعني التزام جهة الإدارة بالممارسات القانونية و التنفيذية السابقة، ويوفر الحماية الإجرائية والموضوعية للتوقعات المشروعة، وقد استندت المحكمة العليا الأمريكية في تأسيس تلك الحماية على مبدأ سيادة القانون، و هو ما أكده القضاء الأمريكي بعد ذلك في العديد من أحكامه.

كما تأخذ المملكة المتحدة بمبدأ التوقعات المشروعة، و يرى البعض([7]) أن بريطانيا تعد مهد لذلك المبدأ، و يلجأ القضاء إليه في الحالات التي لا يوجد فيها طريق آخر لتعويض المضرور، وقد نشأ في البداية بالقانون الخاص ثم انتقل إلى مجال القانون العام «Public law»، و رغم ما سبق فإن ذلك المبدأ لم يتم تطبيقه في القانون الإداري إلا حديثا.

وقد أكد مجلس الدولة المصري في العديد من أحكامه على حماية الأمن القانوني للأفراد و للمستثمرين على حد سواء، و لكنه لا يعترف بمبدأ حماية التوقعات المشروعة كمبدأ مستقل يمكن للأفراد بوجه عام و المستثمر بوجه خاص أن يطلب إلغاء القرار الإداري استنادا إلى مخالفة جهة الإدارة له، و هو نفس النهج الذي اتبعته الدائرة الإدارية في دولة الكويت، حيث أكدت في العديد من أحكامها على حق الأفراد في الأمن القانوني، و لكنها لم تتبناه كمبدأ مستقل بذاتة.

هدف البحث و مضمونهيهدف البحث إلى الإعلاء من مبدأ حماية التوقعات المشروعة للمستثمرين في مجال القانون الإداري، لما له من عظيم الأثر في تشجيع الاستثمار و جذب رؤوس الأموال الأجنبية، من خلال خلق بيئة قانونية مستقرة إبان تنفيذ الاستثمار.

و عالج الباحث هذا الموضوع من الجانبين النظري و العملي، من خلال عرض الجوانب النظرية لذلك المبدأ في المواثيق الدولية مثل إعلان حقوق الإنسان و المواطن، و النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، كما بين موقف الدساتير المقارنة من ذلك المبدأ مثل الدستور الألماني، و الإسباني، و دستور الولايات المتحدة الأمريكية، و دستور دولة جنوب أفريقيا، بالإضافة إلى بيان موقف الدستور الفرنسي و المصري و الكويتي.

كما أبرز الباحث الجانب العملي لهذا المبدأ من خلال عرض وقائع عملية لتطبيقه في النظم المقارنة موضوع الدراسة بعرض الاتجاهات القضائية الحديثة للقضاء الإداري المقارن في ذلك الشأن، بالإضافة إلى إبراز دوره في تشجيع الاستثمار و القاء الضوء على الحماية الموضوعية و الإجرائية التي يوفرها، مع بيان التحديات التي تواجه القضاء في كل من مصر و الكويت لتبني ذلك المبدأ في مجال الاستثمار و سبل مواجهتها.

أهمية موضوع الدراسةتتمثل أهمية الدراسة في اهتمامها بالناحيتين العملية و العلمية، و تتمثل الأهمية العملية في أنها تقدم للقائمين على العملية التشريعية -بالدول التي لم تتبن مبدأ حماية التوقعات المشروعة كمبدأ مستقل بعد- كيفية تنظيمه تشريعا و الضوابط المقترحة في هذا الشأن، كما تقدم تلك الدراسة لجهة الإدارة و القضاء الإداري و الدستوري كيفية مواجهة التحديات التي ستلوح لهم عند إقرار ذلك المبدأ قبل تنظيمه تشريعيا، و تتمثل الأهمية العلمية في بيان أهميته في مجال الاستثمار، أساسه في الدستور و المواثيق الدولية، و الشروط الواجب توافرها للتمسك بتلك الحماية.


([1]) Kam-por Yu، Julia Tao، Philip J.

Ivanhoe، Taking Confucian Ethics Seriously: Contemporary Theories and Applications، SUNY Press، New York، 2010، p.99 ([2]) Marcin Kałduński، Some Remarks on the Protection of Legitimate Expectations in International Investment Law.

Comparative Law Review، [S.

l.

]، v.

25، dec.

2019، p.

215-216 ([3]) Sylvia Brunet، La conception originelle de la sécurité juridique: l’Allemagne، Titre VII، vol.

5، no.

2، 2020، p.89 ([4]) Abhijit P.

G.

Pandya، Interpretations and Coherence of the Fair and Equitable Treatment Standard in Investment Treaty Arbitration، Ph.

D.

Law، London School of Economics، 2011، p.20 ([5]) C.

C.

، 96-385 DC، 30 décembre 1996، Loi de finances pour 1997C.

C.

، 97-391 DC، 07 novembre 1997، Loi portant mesures urgentes à caractère fiscal et financier ([6]) Conseil d’État، Sécurité juridique et complexité du droit، Rapport public 2006، Études et documents، La Documentation française، Paris، 2006، p.229 «La Cour de justice des Communautés européennes et la Cour européenne des droits de l’homme ont، pour leur part، consacré un principe de sécurité juridique.

Leur jurisprudence exerce une influence sur les décisions des juridictions françaises، notamment pour les litiges concernant l’application du droit communautaire.

» ([7]) Jayanta Chakraborty، Doctrine of Legitimate Expectation - A Comparative Study of UK، USA & India، Indian Journal of Law & Public Policy، vol.

5، no.

1، Winter 2018، pp.

23-24

American Psychological Association (APA)

النمر، يحيى محمد مرسي. 2021. الحماية القضائية لمبدأ التوقع المشروع في المنازعات الإدارية و أثرها على تشجيع الاستثمار : دراسة مقارنة. مجلة القانون و الاقتصاد،مج. 2021، ع. 94 (sup)، ص ص. 231-452.
https://search.emarefa.net/detail/BIM-1354056

Modern Language Association (MLA)

النمر، يحيى محمد مرسي. الحماية القضائية لمبدأ التوقع المشروع في المنازعات الإدارية و أثرها على تشجيع الاستثمار : دراسة مقارنة. مجلة القانون و الاقتصاد ع. 94 (ملحق) (كانون الأول 2021)، ص ص. 231-452.
https://search.emarefa.net/detail/BIM-1354056

American Medical Association (AMA)

النمر، يحيى محمد مرسي. الحماية القضائية لمبدأ التوقع المشروع في المنازعات الإدارية و أثرها على تشجيع الاستثمار : دراسة مقارنة. مجلة القانون و الاقتصاد. 2021. مج. 2021، ع. 94 (sup)، ص ص. 231-452.
https://search.emarefa.net/detail/BIM-1354056

Data Type

Journal Articles

Language

Arabic

Notes

-

Record ID

BIM-1354056