الإخلال المبرر لفسخ عقد البيع الدولى للبضائع في ضوء أحكام اتفاقية الامم المتحدة بشأن عقود البيع الدولى للبضائع (فينا 1980)‎

Author

أبو الغيط، رشا مصطفى

Source

مجلة القانون و الاقتصاد

Issue

Vol. 2021, Issue 94 (31 Jul. 2021), pp.261-356, 96 p.

Publisher

Cairo University Faculty of Law :

Publication Date

2021-07-31

Country of Publication

Egypt

No. of Pages

96

Main Subjects

Law

Topics

Abstract AR

إن تنمية التجارة الدولية على أساس من المساواة و المنفعة المتبادلة، يعد عنصرا هاما في تعزيز علاقات السلم بين الدول.

لذا اتجهت جهود المجتمع الدولى إلى تعزيز و تنمية التجارة الدولية، و إزالة ما يعوق تدفقها و انسيابها بين الدول من عقبات، و من أهمها العقبات و الحواجز القانونية.

و يشكل عقد البيع الاداة القانونية و الدعامة الأساسية للتجارة الدولية، و أهم موضوعات القانون التجارى الدولى على الاطلاق؛ وعليه فقد اتجهت الجهود إلى توحيد أحكام البيع الدولى للبضائع، بهدف إيجاد نظام قانونى موحد يسهم بدوره في تعزيز التبادل التجارى و التنمية الاقتصادية على الصعيدين الداخلى و الدولى، وذلك من خلال توحيد قواعد القانون الدولى الخاص (قواعد التنازع)، أو من خلال توحيد القواعد الموضوعية المنظمة لعقود البيع الدولى للبضائع.

و تأتى في مقدمة الجهود المبذولة لتوحيد القواعد الموضوعية لعقد البيع الدولى للبضائع اتفاقية الامم المتحدة بشأن عقود البيع الدولى للبضائع (فينا 1980)، التى قامت بإعدادها لجنة الامم المتحدة للقانون التجارى الدولى (الأونسيترال)، و اعتمدها مؤتمر دبلوماسى عقد في 11 أبريل 1980[1].

و يتمثل الغرض الرئيسى من الاتفاقية في إيجاد نظام قانونى موحد بشأن عقود البيع الدولى للبضائع، و هو ما من شأنه أن يسهم في إضفاء اليقين و دعم الثقة في عمليات التبادل التجارى؛ حيث أن تباين الاحكام الموضوعية و قواعد التنازع التى تتضمنها التشريعات الوطنية قد يؤدى إلى أنه قد يجهل أطراف العقد بالقواعد القانونية الخاضع لها معاملاتهم، و هو ما قد يعرضهم – إذا ما نشب نزاع فيما بينهم- لمفاجات تنجم عن تطبيق قواعد تنازع القوانين المختلفة، وذلك نتيجة لتباين القواعد الموضوعية التى تضعها التشريعات الوطنية في تنظيمها للمعاملات التجارية الدولية و إختلافها.

[2] و يتمثل الدليل على نجاح الاونسيترال في اعداد اتفاقية دولية تحظى بقبول أوسع نطاقا بلا شك من اتفاقيتى لاهاى 1964؛ أن الدول التى صدقت على الاتفاقية عند دخولها حيز النفاذ في يناير 1988 قد تضمنت دولا من مناطق جغرافية مختلفة و مراحل نمو إقتصادى متفاوتة و من كل نظام قانونى و اقتصادى رئيسى.

و هذه الدول هى: الأرجنتين، إيطاليا، سوريا، زامبيا، الصين، فرنسا، ليسوتو، مصر، هنغاريا، الولايات المتحدة، يوغوسلافيا[3].

و من الجدير بالذكر إنه بحلول 2014 أصبح هناك 82 دولة طرفا في الاتفاقية.

و تنقسم الاتفاقية إلى اربعة أجزاء، يتناول الجزء الأول نطاق تطبيق الاتفاقية و الأحكام العامة، أما الجزء الثانى فإنه يتعلق بتكوين العقد وقد اقتصر تنظيمه للمسائل الخاصة بالتكوين على الاحكام المتعلقة بالإيجاب و القبول فقط، و الجزء الثالث ينظم الآثار المترتبة على عقد البيع الدولى للبضائع، أما الجزء الرابع يتضمن الأحكام الختامية.

و لقد استبعد المشرع التجارى المصرى من نطاق تطبيق أحكام عقد بيع البضائع البيوع التجارية الدولية، حيث أخضعها للاتفاقيات الدولية المتعلقة بالبيوع الدولية و النافذة في جمهورية مصر العربية، و منها اتفاقية فينا1980.

حيث تنص المادة (88) من قانون التجارة المصرى رقم 17 لسنة 1999 على أنه".

.

.

.

.

تسرى على البيوع التجارية الدولية أحكام الاتفاقيات الدولية بشأن هذة البيوع و النافذة في مصر، و كذلك الأعراف السائدة في التجارة الدولية و التفسيرات التى أعدتها المنظمات الدولية للمصطلحات المستعملة في تلك التجارة، إذا احال إليها العقد ".

و تقوم فلسفة الاتفاقية على عدد من المبادئ، و مما يجدر الاشارة إليه بداءة أن لهذة المبادئ صفة مكملة لقواعد الاتفاقية؛ حيث تنص المادة (7/2) على إنه ".

.

.

.

المسائل التى تتعلق بالموضوعات التى تتناولها هذة الاتفاقية و التى لم تحسمها نصوصها، يتم تنظيمها وفقا للمبادئ العامة التى أخذت بها الإتفاقية، وفي حالة عدم وجود هذة المبادئ تسرى أحكام القانون الواجب التطبيق وفقا لقواعد القانون الدولى الخاص"[4].

و يعنينا من هذه المبادىء التى تقوم عليها الاتفاقية في مجال بحثنا هذا، مبدأى الإقتصاد في فسخ العقد، و مبدأ المبادرة إلى إزالة المراكز القلقة- رغم ظاهر التعارض بين المبدأين - وكيف أمكن للاتفاقية التوفيق بينهما بتناغم خلق توازنا بين حقوق طرفي عقد البيع الدولى للبضائع.

إن مبدأ الإقتصاد في الفسخ هو أحد أهم المبادئ التى تقوم عليها فلسفة الاتفاقية؛ حيث أن الغرض الأساسى للاتفاقية هو دعم حركة التجارة الدولية عن طريق إزالة العقبات القانونية التى تعترضها، و هو ما أقتضى أن تحرص الاتفاقية على الإبقاء على العقد ما أمكن، و لو مع إخلال يمكن أن يتم جبره بالتعويض.

و لذا، نجد أن الاتفاقية وضعت العديد من القيود للحد من اللجوء للفسخ و قدمت كذلك حلول و خيارات لتدارك الرأب الذى يعترى تنفيذ العقد لتوقى الفسخ ما أمكن ذلك.

و من ذلك إحاطة الفسخ بشروط ثقيلة تحد من اللجوء إليه، و إتاحة الفرص لإصلاح العقد حتى بعد وقوع المخالفة من خلال خيارات عدة.

و من جهة آخرى، نجد أن الاتفاقية لدعم الثقة في التجارة الدولية، توفر العديد من الوسائل التى تساعد الطرف الذى يساوره شكوك حول قدرة الطرف الآخر على تنفيذ إلتزاماته، أيا كان مرد تلك الشكوك – ظروف عامة أو خاصة – على الخروج من هذا المأزق، وذلك عن طريق طلب ضمانات أضافية أو وقف التنفيذ أو فسخ العقد أستنادا التى تلك الشكوك و هو ما يعرف بمبدأ المبادرة إلى إزالة المراكز القلقة، و هو أيضا من أهم المبادئ التى تقوم عليها الاتفاقية.

و يتضح من هنا أهمية موضوع الدراسة و تتحدد دوافع الاختيار؛ فنظرا لخطورة الفسخ في عقود البيع الدولية، لما له من آثار و عواقب وخيمة تنال ليس فقط اطراف العقد بل يتضرر منها حركة التجارة الدولية ككل؛ حيث أن إختيار الفسخ كجزاء للإخلال يترتب عليه تدمير العقد و زلزلة المراكز التى أنشاءها بإعادة المتعاقدين إلى وضعهما قبل التعاقد، و يعظم هذا الأثر كلما تراخى وقوع الفسخ إلى وقت يكون فيه المتعاقدان قد قطعا شوطا بعيدا في تنفيذه، و لا يخفي ما يصحب هذا كله من نفقات و مشقات و لا سيما في مجال التجارة الدولية[5]، وذلك فضلا عن تأثيره على ما ارتبط بعقد البيع الدولى من عقود أخرى كعقود التأمين و النقل.

.

.

إلخ.

و بناءا على ذلك نجد أن الاتفاقية قد احاطت الفسخ بشروط ثقيلة للحد من استعماله، و جعلت من بلوغ المخالفة حدا من الجسامة شرطا للجوء إليه، وذلك أعمالا لمبدأ الاقتصاد في فسخ العقد.

و تقرر الاتفاقية في المقابل أعمالا لمبدأ المبادرة إلى ازالة المراكز القلقة، إستثناء على القاعدة العامة التى مقتضاها أن الفسخ هو أحد الجزاءات التى تترتب عند الاخلال بالالتزامات الناشئة عن العقد[6]، يتعلق بالفرض الذى يتبين فيه قبل حلول ميعاد تنفيذ الالتزام عدم قدرة أحد الاطراف على تنفيذ التزامه، حيث واجهت الاتفاقية هذا الفرض بغرض مساعدة الطرف الآخر الذى أصبحت تساوره الشكوك حول مصير العقد، و أتاحت له سبيلين للخروج من هذا الوضع وهما وقف التنفيذ أو الفسخ المبتسر، و احاطت ذلك إيضا بشروط ثقيلة تحد من استعماله.

و ننوه بداءة أنه مع ضرورة الاخذ في الإعتبار، أنه على الرغم من أن ماهية الفسخ تتفاوت بحسب النظام القانونى الذى تخضع له إلا أن اتفاقية فينا قد اعتنقت نظام للفسخ يتلائم إلى حد كبير مع أغلبها، و إن كان يقترب كثيرا من نظرية الفسخ في القانون الألمانى التى تتمثل في إعلان الفسخ بالارادة المنفردة من جانب الدائن؛ حيث أنه وفقا للاتفاقية إذا قرر أحد المتعاقدين استعمال الحق في الفسخ – متى توافرت شروطه – لا يشترط أن يطلب الفسخ من القضاء، و إنما عليه أن يعلن الفسخ و يخطر الطرف الآخر بذلك، و يحق للاخير في المقابل -إذا كان له اعتراض على الفسخ- مقاضاة الطرف الآخر للحصول على حكم بإلغاء الفسخ [7].

لذا نتناول بالبحث و التحليل الاخلال المبرر لفسخ عقد البيع الدولى للبضائع في ضوء أحكام اتفاقية الامم المتحدة بشأن البيع الدولى للبضائع ( فينا 1980)؛ وذلك بغية تحديد مفهوم الاخلال المؤدى للفسخ، و تبين كيف أمكن للاتفاقية من خلال تحديد أطر الاخلال ببلوغ المخالفة -سواء كانت اصلية أو مكتسبة أو متوقعة- درجة من الجسامة و الخطورة التوفيق بين أثنين من المبادئ التى تقوم عليها رغم ما قد يبدو من ظاهر التعارض، وهما مبدأى الاقتصاد في فسخ العقد و المبادرة إلى إزالة المراكز القلقة، و هو الأمر الذى شكل بدوره ركيزة أساسية لتحقيق التوازن بين طرفي العقد.

و كذلك التعرف على كيفية توقى الفسخ كليا أو جزئيا عند حدوث الاخلال أو توقعه.

وذلك من خلال المباحث التالية: المبحث الاول: مفهوم المخالفة الجوهرية.

المبحث الثانى: الفسخ المرتبط بوقوع مخالفة جوهرية أصلية.

المبحث الثالث: الفسخ الغير مرتبط بوقوع مخالفة جوهرية أصلية.

المبحث الرابع: حالات الفسخ الجزئى.


[1]- بدأ ت جهود المجتمع الدولى لإيجاد قواعد موحدة تنظم البيع الدولى للبضائع سنة 1930 بمبادرة من المعهد الدولى لتوحيد القانون الخاص في روما، و بعد توقف العمل نتيجة لاندلاع الحرب العالمية الثانية قدم مشروع إلى مؤتمر دبلوماسى عقد في لاهاى سنة 1964، و اعتمد المؤتمر اتفاقيتين، الاولى بشأن البيع الدولى للبضائع، و الثانية بشأن تكوين عقود البيع الدولى للبضائع.

و من الجدير بالذكر إنه كان هناك نقد واسع الانتشار لتلك الاتفاقيتين مرده، أولا: أن الاتفاقيتين تعكسان بشكل رئيسى الاعراف القانونية والواقع الإقتصادى لدول اوربا الغربية.

و لعل ذلك يجد ما يفسره في أن المؤتمر الدولى الذى أقرت به لم يكن الحضور فيه على المستوى العالمى المأمول، حيث أقتصر على 25 دولة أغلبها من دول اوربا الغربية ودون تمثيل للدول ذات الشأن في التجارة الدولية آنذاك كالاتحاد السوفيتى و الهند و الصين وكل دول أمريكا اللاتينية تقريبا.

و ثانيا: أن المؤتمر عقد في وقت خرجت فيه بعض الدول حديثا من وطأة الإستعمار، ولم تكن قد ساهمت في اعداد الاتفاقية، بل أن البعض منها قد صار بعد ذلك من كبريات الدول التجارية، فأصبحت تلك الدول تطالب باتفاقية دولية جديدة تضطلع بدور في اعدادها.

و نتيجة لذلك كان من أولى المهام التى اضطلعت بها الاونسيترال فور أنشاؤها سنة 1968، استطلاع أراء الدول بشأن اتفاقيتى لاهاى 1964، و على ضوء ذلك قررت الأونسترال اعداد اتفاقية جديدة.

See: Peter Schlechtriem & Petra Butler، UN Law on International Sales، The UN Convention on the International Sale of Goods، Springer، 2009، No.1، P.1.

[2]- د/ حسام عبد الغنى الصغير، تفسير اتفاقية الأمم المتحدة بشان عقود البيع الدولى للبضائع، دار النهضة العربية، 2001، ص 1.

[3]- راجع: المذكرة التفسيرية التى أعدتها أمانة الاونسيترال حول اتفاقية الامم المتحدة بشأن عقود البيع الدولى للبضائع.

منشور إلكترونيا: www.

uncitral.

orgAnd see: Cristiana Fountoulakis، remedies for breach of contract under the united nations convention on the international sale of goods، ERA Forum (2011) 12، 7–23، P.7، No.1.

https: //doi.

org.

[4] - Peter Schlechtriem & Petra Butler، Op.

Cit.

، No.1.9.3، P.50.

[5]- د/ محسن شفيق، اتفاقية الأمم المتحدة بشأن البيع الدولى للبضائع، دار النهضة العربية، بدون سنة نشر، بند 239، ص 170.

[6]- الفسخ وفقا للقواعد العامة هو " حل الرابطة التعاقدية بسبب اخلال أحد المتعاقدين في تنفيذ إلتزاماته.

و يجوز أن يتم الفسخ أما بحكم القضاء، أو بالاتفاق بناء على شرط فاسخ اقترن بالعقد، أو بحكم القانون وذلك إذا استحال على أحد المتعاقدين أو كليهما تنفيذ الإلتزام الذى تقرر بموجب العقد بسبب اجنبى لا دخل لهما فيه".

د/سيف الدين محمد محمود البلعاوى، جزاء عدم التنفيذ في العقود الملزمة للجانبين (الفسخ)، دراسة في القانون المدنى المصرى مع المقارنة، رسالة دكتوراة، حقوق القاهرة، 1982، بند 14، ص 15.

[7] - Cristiana Fountoulakis، Op.

Cit.

، No.3.3، P.11.

American Psychological Association (APA)

أبو الغيط، رشا مصطفى. 2021. الإخلال المبرر لفسخ عقد البيع الدولى للبضائع في ضوء أحكام اتفاقية الامم المتحدة بشأن عقود البيع الدولى للبضائع (فينا 1980). مجلة القانون و الاقتصاد،مج. 2021، ع. 94، ص ص. 261-356.
https://search.emarefa.net/detail/BIM-1354061

Modern Language Association (MLA)

أبو الغيط، رشا مصطفى. الإخلال المبرر لفسخ عقد البيع الدولى للبضائع في ضوء أحكام اتفاقية الامم المتحدة بشأن عقود البيع الدولى للبضائع (فينا 1980). مجلة القانون و الاقتصاد ع. 94 (تموز 2021)، ص ص. 261-356.
https://search.emarefa.net/detail/BIM-1354061

American Medical Association (AMA)

أبو الغيط، رشا مصطفى. الإخلال المبرر لفسخ عقد البيع الدولى للبضائع في ضوء أحكام اتفاقية الامم المتحدة بشأن عقود البيع الدولى للبضائع (فينا 1980). مجلة القانون و الاقتصاد. 2021. مج. 2021، ع. 94، ص ص. 261-356.
https://search.emarefa.net/detail/BIM-1354061

Data Type

Journal Articles

Language

Arabic

Notes

-

Record ID

BIM-1354061