مواجهة جرائم الإستغلال الجنسي للأطفال عبر شبكة الإنترنت : دراسة تحليلية مقارنة

Abstract AR

شهد العالم في الربع الأخير من القرن الماضى، جملة من الاختراعات الهامة المؤثرة في حياة الإنسان، إلا أن أحد أهم هذه الاختراعات، و أكثرها تداولا في أيامنا هذه يتمثل في الإنترنت^([1])، كعالم إفتراضي مأهول بساكنين شغوفين بما استحدث من مزايا و خدمات عج بها هذا العالم؛ ليكسب الإنسان أداة ووسيلة إتصال وتواصل حقيقية من حيث الأثر، إفتراضية من حيث التعايش والوجود التكويني.

وعلى الرغم من الإيجابيات الجمة لشبكة الإنترنت التي تتطور دوما، ولم تكف عن التطور و النمو، وأن الوصول إليها متاحا للجميع، بحيث باتت توفر حرية للمستخدم، إنما غير منضبطة، و يروق لنا القول أنها "فوضوية"، إذ أصبحت هذه الشبكة ساحة مفتوحة لممارسة جميع أنواع الإجرام الممكنة و المحتملة، وضمنها جرائم الاستغلال الجنسي للأطفال، ذلك النوع الذي يعد هو الأخطر و الأقبح من غيره، إذ يشكل إعتداء على البراءة و الطهر لأبناءنا فلذات أكبادنا التي تمشي على الأرض أطفال اليوم رجال الغد قادة المستقبل.

ولاشك أن الإنترنت عندما ساد كل مناحي الحياة، بات جزءا لا يتجزأ من حياة و إهتمامات الأطفال، و رغم ما قد يعود على الأطفال من فوائد متعددة في التعلم و التعليم و تطورهم الشخصي جراء استخدامهم للإنترنت، إلا أنه قد يعرضهم لمخاطر كثيرة كالوصول إلى محتويات غير لائقة، والتواصل مع غيرهم من الأطفال و البالغين على نحو يضيرهم، و يعرضهم لممارسات عدوانية و إستغلال جنسي، كما أن تعامل الأطفال الدائم مع الإنترنت، قد يجعل نظام الكمبيوتر الخاص بهم عرضة للخطر، فضلا عن نشر بياناتهم الشخصية دون إدراك العواقب طويلة المدى لهذه الخصوصية.

وثمة حقيقة لا أحد يستطيع أن ينكرها، ألا وهي أن شبكة الإنترنت تعمل على تنمية مهارات الأطفال الذهنية و العقلية، و تنمية ملكات الإبداع و الإبتكار، ليس هذا فحسب إنما تعمل أيضا على إكسابهم المهارات التي تعينهم على التعامل مع البيئة و المجتمع المحيط بهم، و معظم الدراسات التي أجريت بخصوص تأثير شبكة الإنترنت على الأطفال، تؤكد أنها أداة تعليمية مهمة؛ لأن الطفل يتعرف على طرق جديدة في التعلم، و على نصوص إلكترونية جديدة، و معظم مستخدمي الخدمات المباشرة يؤكدون على أهمية الإنترنت للأطفال^([2]).

وعلى الوجه الآخر تظهر لنا حقيقة أخرى تفرض نفسها علينا و بقوة، آلا وهي أن شبكة الإنترنت بإنتشارها الواسع في كافة أرجاء المعمورة، و سرعتها الهائلة على نقل المعلومة المقروءة و المسموعة و المرئية، و سهولة التعامل معها، تصبح أشد ضررا إذا ما وظفت لصالح الأغراض الشريرة، حيث إن لمسة مفتاح من مفاتيح الكمبيوتر، تجد أمامك بحرا وطوفانا هائلا من المواقع، فيجد كل شخص فيها ضالته المنشودة، وهنا تكمن الخطورة حيث بسهولة شديدة أصبحت هذه المواقع تتسلل إلى أطفالنا و أبنائنا في داخل حجراتهم، وقد تدفعهم الرغبة الجامحة للخوض في خضم هذه المواقع؛ وقد يقع المحظور، و يدفع المجتمع كله و ليس الطفل فقط الثمن الغالي، فالأطفال هم أساس المجتمع، و بصلاحهم تستقيم الأمم و تزدهر و تتقدم، و بإنحرافهم يصاب المجتمع بالإضطراب و الفوضى و الضياع، و يكون مهددا في بنائه و تكوينه ووحدته الثقافية.

.