الخليفة المسترشد بالله العباسي في كتاب المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك لابن الجوزي 512 ه-529 ه 1118 م-1134 م

Abstract AR

عرف العصر العباسي الأول بعصر القوة و الازدهار، تناوب عليها خلفاء كانوا على قدر عال من القوة و الكفاءة في جميع مرافق الدولة سياسيا و اقتصاديا و اداريا، و عرف ذلك بالعصر الأول، ثم تخلل العصر العباسي ضعف تعاقب عليها خلفاء تباينوا بين القوة و الضعف، و هو ما عرف بالعصر العباسي الثاني، ويليها العصر العباسي المتأخر.

و مما دفعني إلى هذا الموضوع أنه في الغالب يسلط الضوء من المؤرخين و الدارسين، على العصر العباسي الأول، باعتباره عصر القوة و عصر المنجزات، و سيطرتهم على زمام الأمور في جميع النواحي.

في حين كان في الجانب الاخر خلفاء بذلوا الجهود مثل اسلافهم، على الرغم من العقبات و الصعاب التي و اجهتم، من ثورات و فتن و تسلط دون حرمة للخلافة، لذا كان من الأولى أن نسلط الضوء على الخلفاء الابطال الذين عادوا هيبة الخلافة العباسية و انتشال الدولة من أنياب المفترسين، و اعادوا للخلافة شيئا من هيبتها و وقارها، و كان على رأس هؤلاء الخلفاء المسترشد بالله العباسي، فقد تولى الخلافة منذ تسلط البويهيين و السلاجقة 334هـ-547هـ/945م- 1152م، على الخلافة العباسية، عشرة خلفاء، وفي فترة امتدت مائة وثمانية و سبعون سنة، فكان ترتيب الخليفة المسترشد بالله الثامن( 512هـ - 529هـ/1118م- 1134م )، إلا أنه تميز عنهم بهمه عالية و شهامة و اقدام وهيبة شديدة، مع عدلا و رفق، شيد أركان الخلافة، و باشر الحروب بنفسه، رغم أيامه كانت مشوشة بكثرة المخالفين و المتسلطين، فكان يحارب في كل الاتجاهات، فنجح في التصدي للسلاجقة الطامعين بسلطة الخلافة ووقف في و جههم، أكثر من مرة و قاتلهم، فعرفوا للخليفة مكانة، و قاتل من خرج عليه من أمراء الأطراف فهزمهم، و ضرب بيد من حديد كل من شغب وروع الخلافة، فبسط نفوذه وعلة كلمته فهابه من تسلط حتى قبلوا الأرض بحضرته، و تربع على عرش قلوب رعيته حتى أحبوه.

وحينما قاب قوسين من طرد السلاجقة من ساحة الخلافة، تعرض المسترشد للخيانة و هو في ساحة المعركة من قبل الجيش الذي أنظم للعدو مما نتج عنه اسره و قتله، فلم يكن بمقتله نهاية الامر بل اورث لمن بعدهم الثأر في وجه كل من تسول له نفسه العبث بمقدرات الخلافة و مكانتها.

لقد أشادت المصادر التاريخية لفترة حكم المسترشد بالله العباسي، غير ثمة مصدر معاصر كان مطلع عن كثب على كثير من الاحداث التي لم يكن لغيره من المؤرخين الاطلاع عليها، فمن ذلك المؤرخ الكبير ابن الجوزي و كتابه المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك، و الذي يعد من خير مؤرخي عصره و يعد كتابه من اميز المصادر التاريخية، فهو مزيج بين الاحداث والوقائع التاريخية و تراجم للأشخاص، و يعد دراسة شخصية تاريخية من المواضيع المهمة في حقبة معينه و لا سيما أحد الخلفاء العباسيين من خلال كتاب المنتظم لابن الجوزي (ت 597هـ/1200م).

وجاء عنوان البحث الخليفة المسترشد بالله العباسي في كتاب المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك لابن الجوزي (512هـ -529هـ/1118م -1134م)، وقد اشتمل على ثلاثة مباحث و خاتمة ثم قائمة بأسماء المصادر و المراجع، شملت لتعريف بالموضوع و بيان أهميته، و شرحا لخطة البحث.

و تضمن المبحث الأول: سيرة ابن الجوزي، و نشأته و مكانته العلمية.

وجاء المبحث الثاني: سيرة و شخصية الخليفة العباسي المسترشد بالله، و اهتماماته بأمور الخلافة.

كما اشتمل المبحث الثالث: على موقف الخليفة المسترشد بالله من الثورات و الحركات في بغداد.

وفي الختام أرجو أن أكون قد وفقت في إيفاء الموضوع حقه من الدراسة، فإن أصبنا فذاك مرادنا و إن أخطأنا فلنا شرف المحاولة و التعلم.