الفائدة السلبية آلية لتمويل الانتعاش الاقتصادي، و توافق مع آلية الزكاة

Abstract AR

السياسات النقدية هي أحد آليات التوازن الاقتصادي في الأسواق، و من أهم سماتها أنها تتمحور حول الفائدة و أسعارها، وقد خرجت مدارس عديدة و متعاقبة تتحدث عن أسعار الفائدة متخذة مواقف متنافرة تارة، و متقاربة تارة أخرى، فهناك مدارس (نظريات) عظمت من شأن الفائدة في إحداث طفرة في الوضع التوازني للأسواق، و مدارس أخرى خفضت من دورها.

على صعيد الاقتصاد الإسلامي أيضا نجد أن هناك تباين حول قضية الفائدة برمتها، فهناك من قال بحرمتها كليا، وهناك من أقرها كليا، كما أن هناك فريق ثالث أقر الفائدة و لكن بشروط.

من جهة أخرى فإن الأسواق حاليا تئن تحت ضغط من الأزمة العالمية الراهنة بسبب الركود الاقتصادي العالمي، و التي لاحت أعراضها في الأفق منذ أواخر عام 2014م، وذلك عندما انخفضت معدلات النمو في اقتصاديات الدول الناشئة على وجه العموم، وفي الصين (ثاني أكبر اقتصاد في العالم) على وجه الخصوص (والموصوفة بكونها اقتصاديات قاطرة، حيث أنها تقوم بدور جر الأسواق إلى حالة من الانتعاش و الرواج، و يعول عليها في تمويل دعائم النمو في معظم الدول الصناعية الكبرى و المنتجة)، مما أدى بالتتابع إلى انخفاض الطلب على السلع الأولية (المواد الخام)، الأمر الذي أدخل العديد من الاقتصاديات ذات القوة الضاربة بالعالم في دائرة ضعف الطلب و انخفاض الأسعار، و حدوث حالة من الانكماش و بوادر ركود اقتصادي، ناهيك عن الجائحة الأخيرة (Covid-19) التي نالت من اقتصاد العالم ما نالت.

في ظل هذا الوضع الاقتصادي العالمي المتراجع" بالإشارة لبداية الأزمة المالية و التراجع و الانكماش الاقتصادي منذ أواخر2014م"، ظهر توجه عام من قبل أهم و أكبر البنوك المركزية بالعالم (المركزي الأوربي، المركزي الياباني، بنك الشعب الصيني، المركزي السويسري) في استحسان سياسة التيسير الكمي، وذلك من خلال أثر أسعار الفائدة المتدنية بهدف إحداث حالة من الرواج الاقتصادي، و التأثير على مؤشر التضخم لتحقيق المعدلات المستهدفة.

من أهم الآليات التي استحدثتها البنوك المركزية إقرار ما يسمى "بالفائدة السلبية" على التعاملات المتبادلة بين البنوك المركزية و البنوك التابعة، و الذي يؤثر بشكل مباشر في خفض سعر الفائدة في التعاملات المتبادلة بين البنوك التابعة بعضها البعض من جانب، و بين البنوك التابعة و عملائها من جانب أخر، و الجدير بالذكر أنه في ظل سياسة سعر الفائدة السلبية و التي تستخدمها حديثا أكبر البنوك المركزية حول العالم، و بتحليل ماهيتها و الهدف من تطبيقها، و عند مقارنتها بماهية الزكاة في الدين الإسلامي و تحليل بعض أهداف هذه الفريضة المالية، من حيث ماهية محدداتها و شروطها، و ضوابطها الملزمة، نجد أن هناك سمة تناغم و اتساق بين الفكرين، إلى حد يحتاج إلى الدراسة و البحث.