النظريات و المقاربات الأساسية في دراسة و تحليل التغيير و التحول في النظام الدولي : دراسة مقارنة بين الواقعية و الليبرالية و البنائية

Abstract AR

لقد تعددت النظريات التي حاولت تفسير التغيير و التحول في العلاقات بين الدول، تلك العلاقات المتعددة و المتنوعة و المتباينة سواء بأشكالها التصارعية أو التنافسية أو التعاونية أو التكاملية، إذ حاولت تلك النظريات معرفة و توضيح الآلية أو الطريقة التي تطرأ على تلك العلاقات الدولية و تتسبب بتغييرها أو تحولها من حالة الى أخرى خلال فترات زمنية متفاوتة .

إن تلك النظريات لم تقتصر على دراسة تلك التغيرات والتحولات في تلك العلاقات وحسب، بل حاولت التنبؤ بمستقبل تلك العلاقات و مآلاتها و تحولاتها، إذ أن هنالك عدد من النظريات (أو المقاربات - Approaches) القديمة و الجديدة التي حاولت دراسة و تحليل تلك التحولات في العلاقات الدولية كالنظرية الواقعية و النظرية المثالية و النظرية النسوية و النظرية الخضراء و النظرية (أو المدرسة) الإنكليزية و غيرها من النظريات أو المقاربات، و كانت النظرية البنائية (أو كما يسميها بعض المتخصصين بالمنهج البنائي) من بين تلك النظريات الحديثة المهمة التي حاول المتخصصون في مجال السياسية الدولية توظيفها في فهم و تحليل التغير و التحول في العلاقات بين الدول، و دراسة واقع و مستقبل النظام الدولي.

لقد أسهمت النظرية البنائية أو المنهج البنائي-كمنهج حديث أو كنظرية معاصرة- بصورة واسعة في دراسة و تحليل العلاقات بين الدول و ما يطرأ عليها من تحولات أو تغيرات، كالحال في دراسة وتحليل التحول في العلاقات بين فرنسا و ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية من حالة الصراع إلى حالة التعاون أو التكامل، فضلاً عن نماذج أو تطبيقات أخرى في العلاقات بين الوحدات الدولية و التي يمكن دراستها و تحليلها وفقا لتلك النظرية، كما لا يقتصر تطبيق المنهج البنائي على العلاقات بين القوى الكبرى و العظمى الفاعلة في النظام الدولي و حسب، بل يمكن تطبيقه على جميع الوحدات الدولية الأخرى الوسطى و الصغرى في النظام الدولي و ما تشهده تلك الوحدات من تغيرات أو تحولات في علاقاتها، و هناك نماذج عديدة في تغير أو تحول العلاقات بين الدول من حالات الصراع إلى التعاون أو التنافس أو التكامل، و العكس أيضا، فعلى المستوى الدولي يمكن الإشارة الى التحول في العلاقات بين الدول الأوربية بعد الحرب العالمية الثانية من حالة الصراع إلى حالة التعاون، و لا سيما بين فرنسا و إلمانيا و بريطانيا و قيام الاتحاد الأوربي بعد ذلك، و على المستوى الإقليمي يمكن تناول العلاقات بين إيران و العراق أو بين العراق و الكويت بعد عام ۲۰۰۳، و التي تمثل أنموذجا واضحا يمكن دراسته و تحليله وفقا للمنهج البنائي.