المتوكل العباسي : نموذج دراسي لتوظيف الدين لتحقيق أغراض سياسية

Abstract AR

يهدف هذا البحث إلى فحص ظاهرة متكررة في التاريخ يظهر فيها الدين كوسيلة لتحقيق أغراض سياسية لا تنبع بالضرورة من الدين نفسه.

و قد اتخذ البحث الخليفة العباسي العاشر نموذجا تطبيقيا لدراسة هذه الظاهرة.

فإجراءاته التي اتخذت صبغة الدين لا يمكن تفسيرها بمعزل عن الصراع الذي استمر ناشبا طوال عهده بينه و بين أتراك الخلافة.

فأي فحص دقيق لهذا الصراع سوف يفضي بالتأكيد إلى الخروج بنتيجة مهمة هي أن الخليفة كان يفتقد الحزبية، أو العصبية، أكانت سياسية أم قبلية أم اجتماعية، التي يمكن أن تستند في حربه المريرة مع الترك.

و تشكل هذه الحقيقة أساسا صالحا لفهم الجهود المضنية التي بذلها المتوكل للتقرب من " أهل الحديث و السنة " الذين ظهروا منذ مطلع العهد العباسي في صورة سلطة بالغة التأثير الديني، و التأثير السياسي إلى حد بعيد، في صفوف العامة.

و هكذا كان المتوكل في تقربه من هؤلاء العلماء و اكتساب و دهم يسعى سعيا حثيثا لتكوين حزبية له، أو عصبية، قوامها العلماء أنفسهم و العامة من اتباعهم و مريديهم.

و كان عليه للوصول إلى هذا الهدف أن يقنع هؤلاء جميعا بأنه الخلفية المستقيم الذي يستحق تعاطفهم و ولاءهم.

و قد اتخذت هذه العملية بعدين متكاملين.

فمن جانب، قدم المتوكل نفسه الى العلماء، و الى العامة أيضا، في عباءة المدافع عن الدين القويم و صاحب رسالة إحياء السنة و التصدي للضلال و الانحراف.

أما من جانب الآخر، فقد قام المتوكل بحملته واسعة النطاق، و ثلاثية الأبعاد، ضد المعتزلة و الشيعة و أهل الذمة، ملصقا بهم و صمة الضلال أو الكفر.

و يتصدى البحث الحالي لهذه الموضوعات بالتفصيل منقبا بعمق خلف القشرة الدينية التي صبغ بها المتوكل إجراءاته بهدف كشف الدوافع الحقيقة لسلوكه السياسي.