هل تراجع مشروع "إسرائيل" الكبرى ؟

Abstract AR

بعد سنوات من المعاناة الإسرائيلية بفعل تواصل المقاومة، التي شهدت تطورا مطردا خلال انتفاضة الأقصى، اتجهت ((إسرائيل)) نحو الانحسار الذي شكل العنوان الأبرز للسلوك الإسرائيلي خلال أعوام الانتفاضة الأخيرة.

و مثلت فكرة الجدار معلما بارزا في هذا الانزواء ؛ حيث ينطوي قرار إنشاء الجدار على أبعاد سياسية و أمنية ترتبط مباشرة بالتوجه الإسرائيلي نحو الانحسار، أهمها : الاعتراف بالفشل أمام المقاومة، و العجز عن مواجهتها بالأساليب العسكرية، خاصة أن المستوطنات التي ستبقى خارج الجدار ستكون هدفا جيدا للمقاومة.

منذ إنشائها قبل حوالي ستين عام قامت نظرية الأمن الإسرائيلية على ما يعرف بـ ((قوة الردع))، التي توفر على ((إسرائيل)) مهمة شن حرب هنا، و خوض مواجهة هناك، و رغم الأفكار الإبداعية التي تفتقت عنها قريحة الخبراء الإسرائيليين، فإن نظرياتهم الأمنية لم تحقق ((لإسرائيل)) سوى المزيد من التراجع.

و منذ اندلاع انتفاضة الأقصى، أخذت النظريات الأمنية الإسرائيلية تتآكل و يظهر فشلها، و عجزت جميعها عن توفير الحماية لجيش عملاق تراجع أمام مجموعة من مقاتلي المنظمات المسلحة، و كل ما حدث في قاع غزة و الضفة الغربية خلال العام 2006 بدا و كأنه تأكيد على نظرية ((بين العنكبوت)).

كما أوضحت الأحداث أن الأمن الإسرائيلي أصيب في مقتل، في عدد من المحطات أهما تواصل المقاومة في استهداف العمق الإسرائيلي، فضلا عن الضعف الملحوظ في الروح المعنوي التي سكنت الأجيال الإسرائيلية.

و جاء صعود المقاومة كقيادة مصحوبا بخشية حقيقية وصلت إلى حد التهديد المصيري لمستقبل دولة الكيان ؛ لأن فوز حماس بالنسب التي حصلت عليها جاء أبعد ما يكون عن التوقعات الاستخبارية الإسرائيلية مما يعتبر إخفاقا من الطراز الأول.

و تعيش ((إسرائيل)) منذ سنوات عديدة أزمة حقيقية تتمثل في غياب جيل التأسيس الذي رافقها مع بداياتها الأولى، سواء بوفاة عدد منهم، أو باعتزال عدد آخر للحلبة السياسية.

منذ اللحظة الأولى لاحتلال القوات الأمريكية للعراق و الآمال الإسرائيلية معقودة على عراق جديد، يخرج من دائرة العداء ((لإسرائيل))، لكن التطورات الحالية في العراق، و الفشل الأمريكي أمام المقاومة كان له تأثير إضافي كبير على الانحسار الإسرائيلي.