دور الثقافة و التعليم في تطوير حياة سكان الأهوار

Abstract AR

تلعب الثقافة التقليدية التي تطبع حياة المجتمعات البدائية و من بينها مجتمعات الأهوار دور رئيس و مؤثر في عملية النكوص و التردي الاجتماعي بكافة صوره و أشكاله.

و في ظل غياب تام أو شبه تام لمؤسسات التربية و التعليم الرسمية المتمثلة بالمدرسة فإن المشكلة تتعقد أكثر و تصبح حجر عثرة و معوق حقيقي في طرق أي تحول أو تغيير اجتماعي نحو حياة أفضل.

أن تفشي الأمية و الاجترار الاجتماعي للأفكار و العادات و التقاليد و القيم التي تتوارثها الأجيال واحدا بعد آخر ساهم و لا زال يساهم في نشوء ثقافة مغلقة و عصبية على الاختراق.

و في هذه الدراسة التي تنطلق من فرضية مفادها "أن للثقافة و التعليم دور رئيس في تطوير حياة سكان الأهوار" يحاول الباحث أن يسبر غور هذه المسألة الشائكة التي هي في أمس الحاجة للحل من أجل تقليل المعاناة و الحد من الصور المأساوية التي تعيشها مجتمعات الأهوار و بالأخص منهم النساء و الأطفال.

و من اعترافنا بأن التغير الثقافي يحدد نتيجة الحتمية التاريخية، إلا أن التاريخ قد يقف عاجزا أمام قناعات اجتماعية تعيش خارج عجلة التاريخ نفسه.

أن من المجفف القول بأن سكان الأهوار يتحملون عبء هذه المشكلة لوحدهم إذا ما أدركنا و بقليل من التجرد و الموضوعية ما تعرض له هؤلاء السكان طوال العقود الماضية من شتى أنواع الظلم و الحيف الحكومي و المؤسساتي و المجتمعي، ناهيك عن قسوة البيئية التي يعيشون فيها.

لقد كانت دوامة "الدولة-المجتمعات المحلية المحيطة-البيئة-الثقافة التقليدية" تمارس ضغطها المستمر و المزدوج على مجتمعات الأهوار متمثلا تارة بالقمع و الاضطهاد الجسدي و النفسي و الفكري، و تارة ثانية بالتهجير القسري و المطاردات المسلحة، و تارة ثالثة بالتهميش و الصد الثقافي و عدم الدمج المجتمعي.

و من هنا ندرك مدى الفظاعات التي تعرض لها هؤلاء السكان حتى صيرنهم فاقدين لكل شيء إلا لثقافاتهم التقليدية التي زادت من مآسيهم و كرست بؤسهم.