المؤشرات الدولية على التراجع الأمريكي

Abstract AR

إن الأوضاع الحالية في الولايات المتحدة تشبه إلى حد كبير ما كان عليه الحال في روما القديمة قبل سقوطها وانهيارها ، فهناك جوانب فشل داخلية وخارجية لأمريكا ، وإخفاق في مجالات التعليم والبيئة والهجرة ، بالإضافة إلى الفشل في العراق ، فضلاً عن تراجع القيم الأخلاقية ، والمبالغة في الغرور ، والإسراف في الاهتمام بقضايا السيطرة الخارجية ، مع شدة الضغط على الناس بالارتفاع الصارخ في الضرائب ، وارتفاع تكاليف الرعاية الصحية والديون الداخلية ، حتى إن المواطن الأمريكي أصبح يعيش قلقًا متزايدًا على مستقبله ومستقبل أسرته ، بخلاف ما كان عليه الأمر قبل عقودٍ قليلةٍ .

ومع أن أمريكا تعاني من موات روحي ، فإنها ما زالت مصممة على تصدير قِيَمها الزائفة إلى العالم بفوهة البندقية ، مع أنها مجرد جمهورية انقلبت إلى إمبراطورية .

لقد بنت إدارات الولايات المتحدة الأمريكية في السنوات الأخيرة استراتيجيات كثيرة على الكذب والخداع والإيهام ، ليس على العالم الخارجي فقط ، بل على شعبها نفسه ، ولم يكن هذا خطأ رئيس بعينه ، أو إدارة بذاتها ، بل تكرر ذلك عبر عقود ، في سلسلة من الكذب المتواصل ، الهادف إلى تحقيق مصالح آنية ، لا علاقة لها بالقيم الإنسانية التي يتشدق بها الأمريكيون .

وفي الوقت الذي تتراجع فيه الولايات المتحدة أخلاقيًّا وسياسيًّا وعسكريًّا ؛ فإن دولاً وكيانات أخرى تتسابق إلى مزاحمتها إلى موضع الصدارة ، أو مشاركتها ، والقوى المُرَشَّحَة لمزاحمة أمريكا في زعامة العالم تتمثل في كتلتين هما : الكتلة الأوروبية ممثلة في الاتحاد الأوروبي ، والكتلة الآسيوية ممثلة في الصين وروسيا والهند واليابان .

لكن هناك ما يشبه قطبًا دوليًّا آخر ، يتوقع بعض المراقبين أن يكون له تأثير في مجريات الأحداث وتوازنات القوى في العالم ، يجيء الاعتراف به من أطراف غربية وأمريكية ، وليس فقط من أطراف إسلامية أو عربية ، وهذا القطب هو ما سماه مايكل وينستين : « حركات الإسلام السياسي والجهادي » .

إن التراجع الأمريكي سيصب حتمًا في صالح الأمة الإسلامية ، وذلك عندما يستفيد المسلمون من تفاعلاته في المستقبل المنظور ، ويمكن للعالم الإسلامي أن يتخطى مرحلة الابتزاز الأمريكي ، كما تجاوز مرحلة الهمجية الروسية أيام الاتحاد السوفييتي .