الشباب و الانحراف في الجزائر : قراءة سوسيولوجية

Abstract AR

مر المجتمع الجزائري بعدة مراحل، شهد فيها تغيرات بنيوية، و إذا رصدنا تلك التغيرات في العشريتين الأخيرتين على الأقل فإننا نلحظ أن ظاهرة الإرهاب أثرت على الواقع الأمني و الاجتماعي و الاقتصادي، و مع بداية تعافي المجتمع من هذه الظاهرة، بدأت ظاهرة أخرى تطغى على الواقع و هي انحراف الشباب.

و يعرف الإنحراف بأنه عدم مسايرة الفرد للمعايير الاجتماعية و يشمل أي سلوك لا يتفق مع توقعات و معايير السلوك الفردي العامة المقررة داخل النسق الاجتماعي و يلاحظ ان السلطات الجزائرية لم تبدأ في حصر و إحصاء انحراف الشباب في الجزائر في السنوات الاخيرة و نظرا لطبيعة المجتمع الجزائري الذي يتشكل غالبيته من الشباب فإن الجرائم تتم منهم و عليهم ففئة الشباب تضررت مرتين الأولى لأنها أصبحت تحترف العمليات الإجرامية و المرة الثانية لأن غالبية الضحايا من الشباب و هو ما يقود إلى شعور جماعي بالأمن و الاستقرار.

و نحاول في هذه الدراسة أن نتعرف على واقع انتشار هذه الظاهرة و حجمها من خلال الأرقام و الإحصائيات الرسمية المتوفرة، كما نحاول أن نتعرف على هذا الواقع من خلال الدراسات التي تتناول الظاهرة في المجتمع الجزائري و عواملها و امتداداتها و في النهاية نخلص لبعض التوصيات التي نعتقد أنها قد تحد من انتشارها مستقبلا.

و قد توصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج أبرزها ارتفاع معدلات انحراف الأحداث في الجزائر بنسبة 56.9 % و تمثل السرقة أكبر الجرائم المرتكبة من قبل الشباب يليها الضرب و الجرح المتعمدين.

و لعل التفسير السوسيولوجي لانتشار ظاهرة الانحراف بين الشباب هو أنه يرجع إلى ظهور المشكلات المجتمعية الحقيقية بعد انحصار دور الدولة في مكافحة الإرهاب و انتهت الدراسة إلى مجموعة من التوصيات و الاقتراحات شملت إعادة صياغة حقيقية لمشروع مجتمع جزائري يدمج كل القضايا الكلية و الجزئية ضمن وحدة متكاملة تقضي على كل مظاهر اللاوظيفية داخل المجتمع و ضرورة تأسيس مؤسسات اجتماعية تتكفل بمرافقة الشباب نحو إنجاز مشاريعهم و إعادة إدماجهم اجتماعيا و تكليف المؤسسات العلمية بإجراء العديد من البحوث و الدراسات لضمان تقديم حلول واقعية و علمية لمشكلات الشباب.