البعد الإسرائيلي في الإحتلال الأمريكي للعراق

Abstract AR

يشكل العراق بدوره السياسي و العسكري ثقلا مهما في معادلة الصراع العربي الإسرائيلي فقد احتل حيزا مؤثرا في اهتمامات السياسة الإسرائيلية التي سعت إلى شمل جهوده التنموية و خلق حالة من عدم الاستقرار السياسي التي تدفع في نهاية المطاف إلى تفكيكه و تقسيمه إلى دويلات مذهبية وعرقية كما مخطط له في الفكر الصهيوني، فالثروة النفطية الكبيرة التي يتمتع بها العراق و الموقع الجغرافي و القوة الساكنة و الروح القومية المتأججة تجعله في صميم الاستهداف الصهيوني المبني على التفكيك و التفتيت فالعراق من حيث الأهمية يتقدم على جميع الأقطار العربية فهو حسب الكاتب الإسرائيلي أويد يونون يختزن القوة الفعلية للعرب و التي تشكل مصدر تهديد فعلي لإسرائيلي، و لهذا فالقضاء على العراق عبر حرب اقليمية مع إيران أو صراع عرقي و طائفي سوف تؤدي إلى تمزيه داخليا، وكل نوع من أنواع المجابهة العربية الداخلية سوف تساعدنا على المدى القريب و سوف تختصر الهدف العام المتمثل بتسيم العراق إلى طوائف متناحرة على شاكلة لبنان و سوريا.

و قد كشف الإحتلال الأمريكي للعراق في نيسان ابريل 2003، و ما أفضى إليه من تدمير بنية العراق السياسية و الاقتصادية والاجتماعية، وإنتاج عملية سياسية مشوهة مبنية على مبدأ المحاصصة الطائفية و العرقية و ظهور دستور عراقي يدعو صراحة إلى تقسيم و التفكيك باسم الفيدرالية و قانون المحافظات و تقاسم الثروة عن دور إسرائيلي كبير في الدفع باتجاه قرار الحرب أملا في اقتناص فرصة الدخول إلى الساحة العراقية و تنفيذ المخططات الإسرائيلية المتعلقة بالعراق و بعموم المنطقة العربية.

لقد كانت الحرب الأمريكية على العراق هي حرب من أجل إسرائيل ففيها تم تفكيك العراق إلى دويلات شبه مستقلة تحت ستار الفديرالية، و من خلالها تم نهب ثروات العراق النفطية و تصديره إلى إسرائيل، و بعد تلك الحرب تمكنت إسرائيل من النفاذ إلى قلب النسيج الاجتماعي العراقي لتمزقه و تقطع أوصاله تحت يافطات طائفية و عنصرية، ومن خلال تلك الحرب و بعدها تمكن الصفائل الكردية من تحقيق استقلال شبه رسمي وبمعونة إسرائيلية أمنية و عسكرية مكشوفة و في ظل الأجاء المنفلت التي يعيشها العراق تمكنت إسرائيل من تحويل الساحة العراقية إلى بوابة أمنية و استخبارية لجمع المعلومات و نصب أوكار تجسسية حيال دور الجوار العراقي و تحت لافتات شركات سياحية و استثمارية و أمنية متعددة.

قد كان احتلال العراق بمثابة الفرصة التاريخية التي وظفتها إسرائيل للتخلص من العراق كعدو استراتيجي يعطل مشاريعها التوسعية في المنطقة العربية، لا شك أنها نجحت بشكل كبير في تحيق أهدافها بأكثر مما خططت و توقعت كما أشار لذلك وزير الأمن الإسرائيلي السابق في ديختر في محاضرة حول الدول الإسرائيلي في العراق بعد عام 2003 ألقاها في تل أبيب حزيران يونيو 2010 في تل أبيب.