مشكلة العنف الأسري في المجتمع العربي الراهن

Other Title(s)

Problem of family violence in the contemporary Arab society

Author

اللحام، أحمد عبد العزيز الأصفر

Source

المجلة العربية للدراسات الأمنية

Issue

Vol. 27, Issue 52 (31 Dec. 2010), pp.185-222, 38 p.

Publisher

Naif Arab University for Security Sciences

Publication Date

2010-12-31

Country of Publication

Saudi Arabia

No. of Pages

38

Main Subjects

Social Sciences (Multidisciplinary)

Topics

Abstract AR

تشير دراسات عربية عديدة إلى أن مشكلة العنف الأسري باتت واحدة من المشاكل العديدة التي تنتشر بقوة في الأوساط الاجتماعية المختلفة، بأشكال عديدة و بمستويات متباينة، لا سيما و أن مفهوم العنف كما هو محدد في أدبيات العلوم الاجتماعية واسع بما فيه الكفاية ليشمل العديد من أشكال السلوك التأديبي و التوجيهي للأبناء، مع أن انتشار أشكال العنف المباشر (غير التأديبي أو غير التوجيهي) واسعة الانتشار أيضا، فالعديد من الدراسات العربية التي أجريت في كل من سوريا و مصر و الأردن و السعودية و اليمن و الإمارات العربية و الجزائر و المغرب و ليبيا و غيرها تدل أن حجم المشكلة ليس يسيرا و يتطلب المزيد من التحليل و الرصد.

و يأخذ العنف أشكالا عديدة، و يقع في مستويات مختلفة، فمن أشكاله : العنف الثقافي الذي ينطوي على تسويغ العدوان، و الدفاع عنه، و العنف الاجتماعي، التي يقوم على ممارسة السلطة من وجوه غير قانونية.

و العنف السياسي، و العنف الاقتصادي.

أما مستوياته فتبدأ من العنف الفردي، إلى العنف على مستوى الأسرة، ثم الجماعة الاجتماعية في الحي، و مجالات العمل، و على مستوى المؤسسات و المجتمع المحلي، و حتى على نطاق أوسع، يمتد إلى الدولة نفسها التي تسوغ العنف في المجتمع ككل يظهر عندما يصبح عنصرا أساسيا من عناصر الثقافة.

و العنف الأسري هو واحد من العديد من مظاهر العنف التي يمارسها البشر، و يدل على تراجع القيم الأخلاقية و الإنسانية في شخصية الفرد، مع أن هذه الظاهرة تختلف من حيث الحجم و الشكل من مجتمع لآخر، و بين آن و آخر في المجتمع نفسه، و تجدر الإشارة إلى أن مشكلة العنف الأسري تصبح أكثر وضوحا مع انتشار ضعف بنية العلاقات الاجتماعية، على المستوى الكلي للمجتمع، و على مستوى الأسرة، و مع انتشار ضعف المساواة في الحقوق و الواجبات بين الأفراد ضمن العائلة الواحدة، و عدم التكامل في الأدوار الاجتماعية التي يقوم بها كل فرد داخل الأسرة نفسها.

و تأتي أهمية البحث على المستوى التحليلي من التفسيرات العلمية التي قدمت لظاهرة العنف.

فالرأي القائل بأن العنف هو خاصية الثقافة في هذا المجتمع أو ذاك، على سبيل المثال، يفتقر إلى الدقة العلمية لأنه ينظر إلى الثقافة باعتبارها حقيقة ثابتة، و أحكاما ثابتة في أوقات مختلفة، فقد بات من المعروف أن الثقافة مستقرة نسبيا في المجتمع، لكنها عرضة للتغيير مع مرور فترات زمنية تطول أو تقصر تبعا لخصوصية المكونات الداخلية من جهة، و لخصوصية التحديات الخارجية المحيطة بها من جهة أخرى.

و تترافق في بعض الأحيان العادات الاجتماعية المختلفة مع العنف الأسري، لكنها نتاج العوامل التي أدت إلى تشكيل ظاهرة العنف داخل الأسرة، و لهذا فإنها ليست من أسبابها، و قد ترتبط مشكلة العنف الأسري أيضا مع العديد من المشاكل الأسرية، أو العديد من المشاكل في نظام التعليم و لكن ظاهرة العنف الأسري ليس نتاجا لهذه العوامل بالضرورة، و يقال الشيء نفسه بالنسبة للأبعاد الأخرى التي قد تترافق مع هذه الظاهرة، و لكن ليست من العوامل المسببة بالضرورة، لأنها هي نتاج العوامل نفسها التي أدت إلى انتشار ظاهرة العنف الأسري.

و تنتشر في سياق التفسيرات الاجتماعية نظريات عديدة لتفسير الانحراف بصورة عامة، و العنف الأسري بصفة خاصة من خلال العوامل الاجتماعية و القيم الثقافية التي تدفع الأفراد إلى ممارسة العنف ضد أقرب الناس إليهم، و من هذه النظريات الاجتماعية : نظريات التفكك الاجتماعي، و نظرية التعلم الاجتماعي، و نظرية الضبط الاجتماعي، و نظرية تفكك القيم، و غيرها من النظريات.

أما نظرية الضبط الاجتماعي فهي نظرية لتفسير السلوك المنحرف بشكل عام، و السلوك العنيف بشكل خاص، فإذا كان الشخص غير قادر على تحقيق تطلعاته من خلال الوسائل المشروعة، و يشعر بالاضطراب و القلق، و هو تحت تأثير المشاكل التي يواجهها، يندفع في كثير من الحالات إلى ممارسة العنف ضد أفراد الأسرة التي ينتمي إليها.

و تفسير نظرية التفكك الاجتماعي أشكال العنف بتفكيك الروابط الاجتماعية، ذلك أن الإنسان اجتماعي بطبعه، و لهذا لا يستطيع العيش دون علاقات اجتماعية مع الآخرين، و لهذا ترتبط مشاعره و أحاسيسه بأشكال العلاقات المتبادلة التي يقيمها مع غيره، فإذا كان ارتباطه بهم في حالة مستقرة، جاءت مشاعره و أحاسيسه مستقرة و اجتماعية أيضا، أما إذا كانت ارتباطاته بهم ضعيفة، تأتي مشاعره و أحاسيسه عدائية، إن مظاهر العنف على هذا النحو تزداد عندما تصبح العلاقات التي يقيمها مع الآخرين ضعيفة، مما يجعل اتجاهات الأفراد نحو العنف قوية جدا.

في الاتجاه الثالث، نظرية التحليل الوظيفي للعنف، و هي نظرية تأخذ بدراسة العنف الأسري بوصفه شكلا من أشكال الفعل الاجتماعي الخاضعة لطبيعة الظروف الإنسانية المختلفة، و منظومة الفعل الاجتماعي تتكون من أربعة نظم فرعية : هي المنظومة العضوية، و المنظومة الشخصية، و المنظومة الاجتماعية، و المنظومة الثقافية.

و المنظومة في مكوناتها الأربعة تقع بين حدين أساسيين هما الحقيقة المطلقة من جهة، و الواقع المادي من جهة أخرى، فإذا كانت المبادئ التوجيهية و المشاعر للأفراد تحت تأثير المنظومة العضوية، تظهر أعمالهم من خلال العنف، أما إذا كانت مشاعرهم و أحاسيسهم تحت تأثير الثقافة و القيم المطلقة، فإن السلوك الإنساني يظهر من خلال مظاهر التعاون و التماسك الاجتماعيين.

غير أن هذه الاتجاهات على أهميتها تأخذ بتحليل مظاهر العنف في ضوء المكونات الداخلية للمجتمع و التنظيم الاجتماعي، في حين تدل مظاهر العنف التي يزداد انتشارها في المجتمع العربي على أن عملية التواصل مع الآخرين لها تأثير كبير في انتشار أنماط سلوكية لا تتوافق و خصوصياته الثقافية و الحضارية، و قد تأتي عمليات التواصل هذه مع المجتمعات الأخرى في التاريخ الواحد، كما هو الحال في عمليات التواصل التي يقيمها المجتمع العربي مع المجتمعات الغربية في الوقت الراهن، و قد تأتي عمليات التوصل مع المجتمع نفسه عبر مراحل تاريخية مختلفة، كما هو الحال في عمليات التواصل من طرف واحد التي يقيمها المجتمع العربي الراهن مع ماضيه، و مع ما كانت عليه في فترات زمنية سابقة، مما يجعل الآخر أكثر سيطرة في وعي الذات.

و تأتي مظاهر العنف الأسرية نتيجة التطرف في اتجاهين أساسيين في المواقف المختلفة من الحياة الاجتماعية المعاصرة، يجسد الأول البعد الفردي في الحياة الاجتماعية، و هو نموذج الحياة الاجتماعية الوافدة من الغرب، و يفضل أصحابه أن تكون الحياة مبنية على البعد الفردي مقارنة مع حياة الجماعة، و تعد مشاعر الأفراد و أحاسيسهم فردية بالدرجة الأولى، حتى لو أدى ذلك إلى انحلال الجماعة التي ينتمي إليها الأفراد، و انتشر هذا النمط من الحياة في المجتمع العربي و لكن في سياق مختلف جدا عن سياقه الذي نشأ فيه و هو المجتمع الغربي، الأمر الذي أدى إلى انتشار مظاهر من العنف لا يقرها المجتمع، و هناك العديد من أنماط السلوك الاجتماعي المشروعة في المجتمع الغربي، لكنها تعد عنفا في الثقافة العربية.

أما النموذج الثاني الذي اقترن بمظاهر العنف الأسري فهو النموذج الذي يفضل الجماعة، و يجعل لها الأولوية، و تأتي حقوق الفرد و واجباته من خصوصية بنية الجماعة و مصالحها، إذ تقتضي استمرارية الجماعة تحديد مجموعة من الحقوق و الواجبات على شكل عادات و تقاليد و عقائد تفرض قيودا على حياة الأفراد تبدو في ثقافة الغرب أشكالا مختلفة من العنف الاجتماعي عموما.

إن الاعتدال في الفكر و التوجه يعد مصدرا رئيسيا للسلوك المعتدل الذي يحترم حقوق الجماعة، مع احترام حقوق الأفراد، دون أن يؤدي ذلك إلى إهمال حقوق أي طرف على حساب الطرف الآخر، و الاعتدال هنا لا يعني أن للسلوك نماذج صحيحة و أخرى خاطئة بالضرورة، و لكن هناك القيم الأخلاقية و الدينية التي تسهم في تحقيق التوازن في حياة الجماعة و أفرادها، و التوازن بين حقوق الأفراد و واجباتهم نحو الآخرين الذين يتعاملون معهم داخل الأسرة و داخل الحي و في المجتمع بمجمله.

American Psychological Association (APA)

اللحام، أحمد عبد العزيز الأصفر. 2010. مشكلة العنف الأسري في المجتمع العربي الراهن. المجلة العربية للدراسات الأمنية،مج. 27، ع. 52، ص ص. 185-222.
https://search.emarefa.net/detail/BIM-309094

Modern Language Association (MLA)

اللحام، أحمد عبد العزيز الأصفر. مشكلة العنف الأسري في المجتمع العربي الراهن. المجلة العربية للدراسات الأمنية مج. 27، ع. 52 (كانون الأول 2010)، ص ص. 185-222.
https://search.emarefa.net/detail/BIM-309094

American Medical Association (AMA)

اللحام، أحمد عبد العزيز الأصفر. مشكلة العنف الأسري في المجتمع العربي الراهن. المجلة العربية للدراسات الأمنية. 2010. مج. 27، ع. 52، ص ص. 185-222.
https://search.emarefa.net/detail/BIM-309094

Data Type

Journal Articles

Language

Arabic

Notes

يتضمن هوامش.

Record ID

BIM-309094