واقع مشكلة جرائم الأحداث و تشخيصها في الجزائر

Abstract AR

إن البحث في قضايا إجرام الأحداث بات يفرض نفسه في ظل التحديات المعاصرة، و بات يشغل بال الرأي العام العالمي و المحلي، كما يشغل الباحثين و المختصين.

و كنتيجة للتحولات التي شهدها المجتمع الجزائري بداية العقد الأخير من نهاية القرن العشرين و ما صاحبها من موجات عنف انعكست أثارها السلبية على كل شرائح المجتمع، أضحت مشكلة جرائم الأحداث من المشكلات التي تمثل تحديات أساسية لأمن المجتمع و استقراره.

إن الحاجة تبدو ملحة لتناول هذه الظاهرة بالبحث المعمق في ضوء المتغيرات الثقافية الحديثة، خاصة و أن مفاهيم جنوح الأحداث تطورت و اختلفت خصائصها و عواملها و مصادرها، فضلا على أن السياسة الجنائية المعاصرة أصبحت تدعوا إلى توفير العناية الخاصة للأحداث الجانحين الذين يظهرون خطورة إجرامية.

إن الحدث الجانح هو رجل الغد، و الحدث الذي لا يتلقى الرعاية الكاملة في صغره هو الرجل المجرم في كبره.

بهذا المنظور حاولت الدراسة الحالية تحديد حجم مشكلة جرائم الأحداث في المجتمع الجزائري و تشخيص أبعادها من خلال التحليل المستفيض لمخاطر السلوك الإجرامي عند الأحداث الجانحين والعوامل المتسببة في تكوينه ومن ثم استشراف رؤية مستقبلية للدور الوقائي الذي يتوقع أن تقوم به الأنساق الاجتماعية بهدف مواجهة جرائم الأحداث و القضاء عليها في مهدها.

و قد تبين من نتائج الدراسة الحالية أن : • الأحداث يعانون أزمة حادة في هوية الدور خلال فترة المراهقة، و يمارسون الثقافة الهامشية في الشوارع، و يواجهون كل أشكال التفكك العائلي و العنف المسلط عليهم من قبل المجتمع...

و هذه العوامل جميعها كفيلة بتكوين السلوك الإجرامي عند الأحداث و تطوره.

• نوعية الجرائم التي يرتكبها الأحداث الجانحون و مساراتها تبين بأنه لا يوجد فرق بينها و بين تلك التي يرتكبها الجناة البالغون.

• أساليب مختلفة تم استحداثها في تنفيذ الخطط الإجرامية، و هذه الأساليب تظهر غريبة عن عادات و تقاليد المجتمع و يقف القانون أمامها حائرا و مترددا في إقرار الردع الكافي و الشافي.

• الأحداث يتحكمون جيدا في تقنيات التواصل مع العصابات الإجرامية و الانضمام إلى خططها الإجرامية في مجال التهريب و المخدرات و الدعارة و الهجرة السرية و الإرهاب و التزوير.....

• فئات عريضة من المجتمع تخشى أن تكون ضحية لجرائم الأحداث و قد أبدت قلقها الشديد من : • التراجع الرهيب في دور الأنساق الاجتماعية لحماية الأحداث من الولوج في طريق الجريمة.

• نظم التأهيل و الإصلاح و التربية أصبحت لا تتماشي و التغيرات الثقافية الحديثة.

• التنامي غير المسبوق لمعدلات جرائم الأحداث و تعدد أنماطها و مساراتها و مصادر تمويلها.