تحولات مواقف الأطراف الدولية و الإقليمية بعد قرار المحكمة

Abstract AR

سبب قرار المحكمة الجنائية بتوقيف الرئيس السوداني عمر البشير ردود أفعال إقليمية و دولية متباينة بتباين المصالح و الأهداف الخاصة بكل طرف، و يمكن القول : إن تلك المواقف و ردود الأفعال بهذا الشأن إنما تحمل من الفرص بقدر ما تحمل من التحديات.

فالموقف المعارض لقرار المحكمة يحمل من التعارض و التناقض الكثير ؛ حيث لا ينبع في معظمه من قناعة بصواب الموقف السوداني، بقدر ما ينبع من مخاوف، و مصالح خاصة لهذا الطرف أو ذاك من أطراف المعادلة، الأمر الذي يجعل من دفاع تلك الأنظمة عن النظام السوداني، و رفضها لقرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس (عمر البشير)، بمثابة دفاع عن نفسها.

وعلى الرغم من ذلك فإنه يصعب الرهان على مواقف ذلك الفريق ؛ بفعل تعارض دوافع و مبررات مكوناته.

كما أن تلك الدول الرافضة تفتقر إلى الإرادة و الإدارة الفعالة لمعارضة القرار على أرض الواقع، في ظل حقيقة ضعف الكثير من الدول و المؤسسات أنصار هذا الاتجاه و تبعيته للقوى الغربية بالأساس.

و لكن على الناحية الأخرى تجد أن الموقف المؤيد لقرار المحكمة الدولية يجمل في طياته أيضا من التناقضات ما يمكن معه للحكومة السودانية-حال توافر الإرادة السياسية الفاعلة-العمل على تحييد بعض هؤلاء المؤيدين، لا سيما فرنسا بما قد يؤدي إلى تفكيك ذلك الموقف و إضعافه ؛ و ذلك عبر القيام ببعض التكتيكات التي من شأنها أن تعمل على احتواء المخاوف الفرنسية بشأن تشاد، عبر التأكيد على عدم التدخل في الشئون الداخلية لتشاد، مقابل توقف تشاد و فرنسا عن تقدم الدعم السياسي و المادي بإيواء و ساندة متمردي دارفور، و كذلك ممارسة قدر من الضغط على المتشددين داخل تلك الحركات للقبول باتفاقات التسوية و في مقدمتها مقررات (أبوجا).

كما أن اضطلاع الحكومة السودانية بإنشاء محكمة دولية-سودانية بمساعدة إفريقية، عربية و إسلامية، و بمراقبة أوروبية، لمحاكمة المسئولين السودانيين المدعي عليهم، من شأنه أن يدعم الموقف السوداني في مواجهة خصومة من خلال سحب البساط القانوني الزاعم بعدم جدية القضاء السوداني و نزاهته، الأمر الذي من شأنه أن يجنب السودان مزيدا من السيناريوهات الكارثية التي تستهدف وحدته و أمنه و مستقبله السياسي.