العلاقة بين الإخوان و السلفيين : أسباب التباعد و احتمالات التقارب

Abstract AR

على الرغم من ظاهرة التمدد الإسلامي، أو ما يعبر عنه ب (الصحوة) التي تعيشها و تشهدها المجتمعات الإسلامية، و حتى الغربية-بالنظر إلى انتشار الجاليات الإسلامية في الغرب-، إلا أن التيارات الإسلامية تمر بحالة من العداء (البيني) المركز ؛ و ذلك نتيجة توحد جهود أطراف دولية و محلية لمواجهة الظاهرة الإسلامية المتنامية.

و هو ما أقر بدوره على الأداء الإسلامي بصورة عامة.

حيث استغل خصوم الإسلاميين تعدد الاتجاهات و الجماعات داخل بنية العمل الإسلامي لتنفيذ مخططهم لوأد ظاهرة الصحوة الإسلامية، عبر اتباع سياسة (الإجهاض التبادلي) في مواجهة (الخطر) الإسلامي، هروبا من التورط في حرب عامة ضد قطاعات واسعة داخل المجتمعات المسلمة في وقت واحد، و شملت هذه السياسة الاتجاهات الثلاثة الرئيسة في العمل الإسلامي : العلمي، السياسي، الجهادي.

و يمكن القول : إن التيارات العلمية و السياسة-أي السلفيين و الإخوان بصفة عامة-يشكلون الكتلة الرئيسة داخل العمل الإسلامي، إلا أن تاريخ التنافس و الخصومة بين هذين التيارين-الإخوان و السلفين-قد قلل من قوتهما الجمعية التأثيرية في المجتمع، فكان من السهل على خصومهما إخضاعهما لسياسة (الإجهاض التبادلي) بكفاءة ؛ و ذلك من خلال القيام ب (تسكين) أو (تحييد) أحد التيارين تفرعا للآخر، وصولا إلى الدفع بأحدهما كأداة للمشاركة في حصار الطرف الآخر.

و على الرغم مما سبق فإن الواقع الإسلامي يقدم نماذج مشرقة لتيارات من الصحوة في بعض دول الخليج و مصر ؛ باعتبارها نموذجا راقيا في التعامل مع الجماعات المخالفة لها في الرأي و الاجتهاد، بعيدا عن التعصب ؛ حيث نجحت في تحقيق مستويات مقبولة-و إن لم تكن المنشودة-من تخفيف حدة التأزم البيني بين أبناء الأمة الواحدة، و من ثم فإن هذه النماذج قابلة للاقتداء بها، و تحتاج إلى تفعيل تجاربها على كافة المستويات لتجميع جهود الأمة و مواجهة استراتيجيات و مخاطر (التفتيت).

لذا؛ فإنه ينبغي على التيارين الإسلاميين الكبيرين أن يوقفا كافة الحملات الإعلامية الصراعية بينهما، و إن يتم استبدالها بوسائل و قنوات راشدة لتبادل الخبرات، و الاضطلاع بوضع آليات لاحتواء الخلافات الميدانية، و تأسيس لجان متخصصة لمتابعتها، و حل الإشكالات الناجمة عنها، مع الاتفاق على مرجعية تحكيم للفصل في النزاعات المشتركة، تضم علماء و دعاة من الطرفين مشهود لهم بالاعتدال و الإنصاف.