هل المنطقة العربية مهيأة للتعامل مع الكائنات المهندسة وراثيا

Abstract AR

أضحى علم الهندسة الوراثية حقيقة لا يمكن تجاهلها أو الهروب منها، و يعد هذا المجال اليوم ثورة علمية أحدثت و ستحدث تغيرات جوهرية في بيولوجية الكائنات الحية.

و من المحتمل أن تظهر أصاف جديدة من الكائنات الحيوانية و النباتية في النظام البيئي مستقبلا.

و نتيجة للتطور و الانتشار السريع لعلم الهندسة الوراثية، فقد ظهرت مجموعة من التساؤلات و المخاوف حوله، و ازداد التركز على فهم العلاقات بين الفوائد-المخاطر المحتملة من نتائج تطبيقات هذا العلم و تقويمها، و قد أفرز هذا اختلافات في الآراء بين العلماء و الاختصاصيين وصولا إلى الرأي العام الذي اختلطت فيه الرؤى.

و لتجاوز هذه الاختلافات، يفترض أن يتم تقويم علم الهندسة الوراثية و تطبيقاته وفق المعايير الأخلاقية للبيئة و الزراعة و المجتمع.

لم يكن للمنطقة العربية في العصر الحديث، و لأسباب عديدة، دور مؤثر في المشاركة في إثراء العلوم و التكنولوجيا عموما، على الرغم مما فتحته الاتصالات الحديثة وتطور العلاقات الدولية من آفاق واسعة و وفرت الفرص الثمينة للمنطقة العربية للمساهمة الفعالة والايجابية في التعاون مع الدول المتقدمة و المساهمة في التطور العالمي.

و لكي تطور المنطقة قدراتها الذاتية في التطور العلمي و تكون ذات مساهمة واضحة في الأنشطة العلمية العالمية و منها علوم الهندسة الوراثية، فهي تحتاج إلى التركيز على الجوانب التالية : 1) القدرات العلمية : تمتلك المنطقة العربية عديدا من المقومات الداخلية و التي توفر لها فرصا كبيرة لكي يكون للمنطقة مشاركة فعلية في المساهمة في التطوير العالمي، إلا أنه من المؤسف ندرة وجود استراتيجيات طويلة الأمد للتطوير المستدام لنظم التعليم المحلية و برامج البحث العلمي.

2) القدرات الذاتية المحلية : من الواضح أنه لا توجد دولة في المنطقة تلك بمفردها القدرات الذاتية الكاملة لإدارة البرامج المستدامة في حقل علوم الهندسة الوراثية و تنفيذها.

إن أيا من الدول ليس لها الإمكانيات التشغيلية الكاملة و التي تشمل الملاكات العلمية و القاعدة المعرفية و التخصيصات المالية اللازمة، لذلك فإن التعاون المشترك هو الأسلوب الأكم منطقية لتجاوز المعوقات.

3) الحقيقة أن علم الهندسة الوراثية كليا قد نشأ و تطور في الدول المتقدمة و يدار بشكل أساسي من خلال الشركات العملاقة.

و لتطوير القدرات الفنية و العلمية و التطبيقية لعلوم الهندسة الوراثية في المنطقة العربية، لا بد من العمل بأسلوب المشاريع المشتركة مع المؤسسات العلمية و الشركات الرائدة في هذا الحقل من العلوم من أجل تفعيل مشاركة دول المنطقة في النتاج العلمي العالي في برامج الهندسة الوراثية.

4) إن تطورات الطلب العالمي على الغذاء و اتفاقية التجارة الدولية التي نظمت و ساعدت قواعد التبادل بالمنتجات المحورة وراثيا في السوق الدولية، لذلك فدول المنطقة العربية بحاجة إلى سن التشريعات و القوانين الاقليمية بما لا يتعارض جوهريا مع السياسات الدولية و الأخلاقيات المحلية (اجتماعية و دينية و اقتصادية).

5) أن تكون قرارات رفض أو قبول الأغذية أو المحاصيل المعدلة وراثيا في أسواق المنطقة مبنية على قواعد التقويم العلمية و المنطقية المدعومة بأسس تقدير المخاطر-المنافع و أسس توصيفها و المخاطر-المخاطر إضافة إلى قواعد الأخلاقيات المحلية.

6) على دول المنطقة أن تتعلم من الماضي و أن تسرع في اللحاق بالعالم في إمكانية الافادة من الهندسة الوراثية.

إن تجاهل التكنولوجيا في حينها ستبقي المتجاهلين متخلفين عن الآخرين و ضياع الفرص على المنطقة كما ضاعت العديد منها سابقا.

الإطار العام لدول المنطقة في الوقت الحاضر هو تلقى المعلومات و تطبيقها إن أمكن و ليس صناعة المعلومات.

و من كل المعطيات، فإن المنطقة العربية بحاجة إلى جهد كبير لتطوير و تحديث طرائق التفكير و العمل بما يتناسب مع المعطيات السريعة للعلوم.