حركة وجوه الكافرين في آيات العذاب الأخروي : دراسة بلاغية دلالية

Abstract AR

الحمد لله فاطر السماوات و الأرض جاعل السماء سقفا محفوظا و الصلاة و السلام على أشرف خلق الله محمد ـصلى الله عليه و سلم- يعد المكان عنصرا مهما من عناصر الاستقرار و السكن للخليقة بأسرها، و قد أدرك الإنسان هذه العملية منذ أن خلق و ظهر على وجه الأرض فاتخذها مأوى له سكنا يحفظ كيانه و استقراره فضلا عن كونه الإطار الذي تقع فيه أحدث الفنون الأدبية جميعها، لذلك أولى له الدرس الأدبي الحديث عناية فائقة، و ليس بجديد القول : أن الوصف لكونه آلية لتشكيل النص يجد في المكان ما يمجد حضوره و توغله في خرائط الأشياء و تفاصيلها، كما أن علاقة الشخصية بالمكان تنفجر عن رؤى موضوعية و ذاتية في تشكيله و بنيته.

و سورة الواقعة من السور القرآنية القائمة على التقابل بين الجنة و أهلها، و النار و أهلها و مصير كل فريق يوم القيامة، و أسلوب عرض أبات هذه السورة بالتقابل المكاني ساهم مساهمة فعالة في عملية الإقناع إذ أعطى للنفس البشرية مجالا للتفكير في الشيئين المتقابلين ليأتي بعد ذلك الحكم على أيهما أحق بالاتباع و على أيهما أولى بالاختيار.

فجاء البحث متكونا من ثلاثة محاور المحور الأول : مكان السابقون، المحور الثاني : مكان أصحاب اليمين، المحور الثالث : مكان أصحاب الشمال، و من خلال هذه المحاور نتعرف إلى أبرز خصائص المكان الأخروي الذي حمل دلالات متنوعة و معاني مختلفة تنسجم و مقاصد التعيير القرآني، كما تطرقنا من خلال خطاطات رسمت لتعبر عن دلالات المكان إلى ثنائيات عامة الاستقرار / الاضطراب، الأليف / المعادي، و ثنائيات خاصة تحف بالمكان الجنة / النار استنبطت من خلال الوصف المكاني للأصناف البشرية الثلاث، فضلا عن ذلك ظهر لنا في النص التضاد الاتجاهي و التضاد الامتدادي الذي وصفهما النص القرآني ليعكسا التناقض المصيري بين السابقون و أصحاب اليمين و أصحاب الشمال، فمثل هذه التصورات الفيزيائية تعد أساسية في النص التصويري للفرد و بدونها لا نتمكن من الاشتغال كأن نفكر أو نتواصل، فالمكان الأخروي عندها سيكون نص مفتوح له مقاربة مع وعي الإنسان على تعدد مستوياته و هذا ما كان يهدف إليه القران الذي خاطب في الإنسان فطرته و في الختام نقول إن تحقيق الجوانب الفكرية للمكان من خلال التقابل بين الجنة / النار لم يكن بمعزل عن جمال العرض و تنسيق الأداء و براعة الإخراج، و إبداع التصوير بل كان وثيق الصلة بذلك كله، و التقابل المكاني كان الأداة البليغة التي أظهرت تلك الجوانب الفكرية و جلتها لا يمكنه أن يفعل هذا الجانب إذا ما أراد الوقوف على أسرار هذا الكتاب –القران الكريم-.