من القيم الصوتية في نهج البلاغة

Abstract AR

برز الإمام علي "عليه السلام" مفوها مقتدرا على التأثير في المتلقي بأساليبه المتنوعة، و يمثل نهج البلاغة أسس البيان العربي، مكانة تلي القرآن الكريم.

و اشتهر السجع (غير المتكلف) في خطب الإمام، الذي يحقق موسيقى الأسلوب، و عند تحليلنا لبعض منها وجدنا أنها تنتمي إلى النوع القصير، الذي تكون ألفاظه قليلة من 2-10، و هذا النوع أصعب طريقا من النوع الطويل، الذي يدلل على تمكن المتكلم من فنه.

و ظهرت لنا أصوات للفواصل و السجعات لبست ثوب الدلالة بصورة منسجمة، كالميم و الهاء و النون، و تكرار السجعة في الوحدة الصوتية (ته).

و نجد في خطب نهج البلاغة تنوع الأساليب و تلونها تبعا للفكرة و المناسبة و حالة العاطفة، عن طريق انسجام الحروف و حلاوة جرسها، و تلاؤم فقرها و إيقاعها، فطغي ذو المقطع المغلق مرة، و المفتوح مرة أخرى، و الترصيع، و لزوم ما لا يلزم، و وظفت الأساليب و الأصوات توظيفا دلاليا و إيقاعيا بمهارة لغوية عالية.

و هناك علاقة بين التنغيم و النبر و المقطع الصوتي، في تحديد مستوى النغمة، فتسمى صاعدة إذا تم صعودها من أسفل إلى أعلى على المقطع الذي وقع عليه النبر، و تسمى النغمة هابطة، إذا تم نزولها من أعلى إلى أسفل، على آخر مقطع وقع عليه النبر، و كذلك لا يحدث تنغيم من دون نبر للمقطع الأخير من الجملة، و أن النوعين يتفقان على كشف الحالة الشعورية و النفسية عند منشئ النص، أو القصدية في إثبات أمر ما.

و لكنهما يختلفان في أن النبر لا يؤثر في تغيير المعنى، على حين أن التنغيم له وظائف دلالية متعددة.

و جاء تقسيم مستوى درجة التنغيم في البحث على ثلاثة.

صاعد و مستوي و هابط، على وفق الوحدة الداخلية للخطبة.

و قد وجد البحث علاقة التنغيم و النبر و المقطع الصوتي في إيجاد قوة في الدلالة، و اختيار الأسلوب و المقطع على وفق الحالة الشعورية و مناسبة الخطبة بعد أن هيأ الإمام مساحة واسعة لإظهار مشاعره عن طريق الحزم الصوتية الواضحة، التي تعطي مدا دلاليا و كشفا لمسار الانفعال و العواطف عنده، و بذلك يظهر لنا مناخ تنغيمي، يعمل في تهيئ المتلقي لاستقبال فكرة و عواطف الخطبة بانسيابية عالية.