الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام

Abstract AR

أضحت حماية المستهلك اليوم في مقدمة الواجبات الأساسية للدولة المعاصرة، تعكس قيمة الإنسان و المواطن لدى هذه الدولة أو تلك، فحماية المستهلك هي حماية للطرف الأضعف في معترك حياته الاقتصادية، و في ظل اللامساواة الاقتصادية، و الاختلاف في درجة المعرفة، و القوى الاقتصادية التي يتعامل معها من جهة أخرى.

فبعد أن كان المستهلك يتعامل لإشباع معظم حاجاته الشخصية مع القطاع العام الذي لا يسعى إلى تحقيق الربح، أصبح الآن في مواجهة قطاع خاص يسعى إلى تحقيق أكبر قدر من الأرباح على حسابه و مصالحه المشروعة، و في مواجهة محترفين مسلحين بأمضى الأسلحة في سبيل تحقيق أغراضهم في الربح، بغض النظر عن مشروعية هذه الوسائل، و بعد أن تطورت أساليب الإنتاج و تنوعت طرق التوزيع و تعددت فنون الدعاية و الإعلان عن المنتجات و الخدمات و حلت المواد الكيماوية و الاصطناعية محل المواد الطبيعية المكونة للسلع المختلفة، و بعد إن شمل التطور أيضا أساليب الغش و التزييف، و السعي إلى الربح غير المشروع إضرارا بجمهور المستهلكين في صحتهم و سلامتهم و ذمتهم المالية، و تطور وسائل إغراء المستهلك و إغوائه لدفعه و استمالته إلى اقتناء السلع المختلفة و الاستفادة من الخدمات.

كل ذلك ولد حاجة حقيقية و ملحة لتدخل المشرع و حماية طبقة المستهلكين بتوفير أفضل الشروط التي تكفل له سلامة رضاه و حرية إرادته و اختياره ليكون في مأمن من التضليل و في ملجأ من الخداع و الاستغلال.

و كان من أهم وسائل تلك الحماية هو الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام الذي يعد أيضا وسيلة ناجعة لمقاومة مخاطر الدعاية و الإعلان من خلال تقديم معلومات موضوعية عن السلع و الخدمات.

و قد وجدنا من خلال هذا البحث بأنه لا سبيل لحماية المستهلك في مواجهة أحداث المرحلة ما قبل التعاقدية إلا من خلال إعادة المساواة في العلم بين هذين الطرفين المقبلين على التعاقد، على نحو يستطيع معه المستهلك الوقوف على مدى ملائمة هذا العقد بالنسبة إليه، و ذلك من خلال إعلامه و تعريفه بظروف التعاقد بالقدر الذي ينير رضاءه.

لأن الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام يلعب دورا هاما في تنوير العاقد و تبصيره بكل ما يتصل بالعقد المزمع إبرامه من معلومات جوهرية تؤثر في تكوين رأيه، خاصة بعد التطور الصناعي و التقدم التكنولوجي، الأمر الذي كان له دخل في تزايد الحاجة إلى الإعلام قبل التعاقدي كالتزام قانوني يقع على عاتق أحد الراغبين في التعاقد أو كليهما للتبصير بالأمور الجوهرية في العقد فهو أفضل وسيلة لجعل الرضا أكثر تنورا.