الحرية و التمدن في فكر فرنسيس مراش

Abstract AR

إن البحث في أفكار فرانسيس مراش الليبرالية التي تتصدرها مسائل الحرية و التمدن مطلب ملح في ظل اخفاقات الأنا المعرفي العربي و عجزه المتواصل عن تحقيق التقدم وادراك التمدن والقطع مع التكلس الفكري و الاستبداد السياسي.

و قد تفرد مراش داخل خارطة الفكر العربي الحديث، الذي انخرط في الانبهار بمنجزات الحضارة الغربية، بنقد الحداثة الغربية الناشئة آنذاك و المزهوة بانتصاراتها و فتوحاتها داخل أوروبا و خارجها، فقد كان أول من ألصق في الفكر العربي الحديث صفة التوحش بمدنية الغرب في مقالته الشهيرة "التمدن و التوحش" في إشارة إلى انحراف الغرب عن قيمه الليبرالية الانسانية و انخراطه في المشاريع الكولونيالية.

تبحث هذه الدراسة في فكر فرنسيس مراش ( 1836- 1874 ) ، المفكر النهضوي المغمور، الذي أقام كامل نظامه الفكري على الحرية باعتبارها أساس التمدن و التقدم طارحا في ستينات القرن التاسع عشر، المبادىء الأساسية لحقوق الانسان، قبل الاعلان العالمي لهذه الحقوق بأكثر من ثلاثة أرباع القرن.

ظهرت أهم أفكار فرنسيس مراش في كتابة غابة الحق، الذي طبع لأول مرة في حلب سنة 1865، و من أبرز المبادئ التي دعا إليها الحرية السياسية و العدالة الاجتماعية و المساواة و تثقيف العقول و تحسين الاخلاق و العادات و توطيد الحق و رفض الاستبداد و التمييز الطبقي و الطائفي بغاية تحقيق التمدن.

أقر فرنسيس مراش أن الحرية هي السبيل الوحيد لتحقيق التقدم و ادراك التمدن.

و قد انطلق في استيعابه لمبادئ الحرية و الاخاء و المساواة و حقوق الانسان و المواطن من نظرية الحق الطبيعي التي حملتها مبادئ عصر التنوير الفرنسي في القرن الثامن عشر ليؤكد خلافا للحق الوضعي الذي قام على اللامساواة أن العقد الاجتماعي ما بين السلطة السياسية و الشعب يجب أن يستمد مبادئه من الحق الطبيعي للإنسان في الحرية و المساواة.