البنات و الأمهات و الزوجات في المفضليات

Abstract AR

يهتم هذا البحث بالمرأة– بنتا و أما و زوجة – كما وردت مصورة في شعر المفضليات بريشة مجموعة من الشعراء الجاهليين و مسلمون.

يتناول جوانب هامة من حياتها في محيط الأسرة و المجتمع، و يكشف عن مكانتها في وجدان الآباء و الأبناء و الأزواج، ليجلوا أمام أعيننا صورتها من خلال الفن الشعري الممتزج بالأحاسيس و الإنفعالات، بالإضافة إلى معرفتنا لها من خلال التاريخ و الأخبار.

فقد كان الشعر بالإضافة إلى حكمة الحكماء و حصافة العقلاء، أعلى المنابر التي ارتفعت من فوقها الأصوات الواعية، التي أفصحت دون حذر عن المشاعر الإنسانية الحقيقية التي كان يحملها العربي بين جنباته للمرأة، و يشير بها إلى أهميتها في واقع حياته، و كأن تلك الأصوات احتجاجات مكتومة على وضع المرأة المشين القائم في بعض البيئات التي أعمتها الغيرة الحمقاء فلم تنصفها، حتى جاء الإسلام فكرمها و كفل لها كل ما كانت تحلم به و تتوق إليه.

و قد حشد الشعراء العديد من الأدوات الفنية الرائعة – كما أجلاها البحث – لرسم صورة البنات و الأمهات و الزوجات كما هي في الواقع الخارجي و الواقع الوجداني النفسي في حياتهم، و وفقوا في ذلك أيما توفيق.

فالبنت واحة ظليلة، و خيمة سابغة، و عين ساهرة، و يد ناعمة و صدر حنون، يتذكرها أبوها في سلمه و حربه، و يشركها في أفراحه و أحزانه، و يأوي إليها من قسوة الليالي و ضراوة الأيام، و يثق في وفائها له بعد مماته ببكائها عليه بالدمع الهتون، و ليست هي عبئا ثقيلا – كما يعتقد بعضهم – لا راحة منه و لا مهرب إلا بالزواج أو الموت.

و الأم مناط إعزاز، و مصدر شوق و معين افتخار، متى ما كانت طيبة العنصر شريفة المحتد، كريمة الأعراق و الأخلاق، و هي سبب معرة و إذلال لأبنائها إذا كانت على خلاف ذلك، فكأنما هي بكل صفاتها عمود الأسرة في المجتمع العربي، و سبب كل قدر مهيض أو عز مشيد.

و الزوجات منهن الحبيبات المسعدات، و القاليات المشيقات، و منهن يكرهن الشيب و الشيخوخة و الفقر، و يعشقن الفتوة و كثرة المال، و منهن المتطلعات لحياة الحواضر و الرفاه، و القانعات بعيش البادية و الكفاف، و منهن المطيعات و المنافرات، و منهن الكريمات و البخيلات ...

الخصور الشعراء كل ذلك في أسلوب مشرق أخاذ، و انفعال صادق دافق، وفق ما قدمه البحث و اجتهد في كشفه و إجلائه.