نقد اللسانيات عند الدكتور رشيد العبيدي

Abstract AR

يهدف هذا البحث إلى دراسة نقد اللسانيات عند علم من أعلام الدرس اللغوي المعاصر في العراق وهو الدكتور رشيد عبد الرحمن العبيدي، و ذلك لما لمسناه في بعض كتبه من جهود علمية غايتها قراءة ما قدمته اللسانيات الحديثة.

بمناهجها و دراستها قراءة نقدية لا تكتفي بالعرض و التخليص، و من أجل تحقيق هذه الغاية ؛ انقسم البحث إلى مجموعة من المحاور، يتناول كل محور توجها نقديا من توجهاته في نقد اللسانيات، لغرض رسم صورة متكاملة الملامح عن المنظومة الفكرية التي يصدر عنها و المرجعيات التي يستند إليها في نقده، مما يساعد في الوقوف على الدوافع وراء هذا التوجه النقدي عنده.

يعد الدكتور رشيد عبد الرحمن صالح العبيدي واحدا من أهم أعلام الدرس اللغوي في العراق في النصف الثاني من القرن العشرين، و قد ولد الدكتور رشيد العبيدي سنة 1940م في مدينة الأعظمية ببغداد، و حصل على درجة ماجستير في النحو و الصرف، و على درجة الدكتوراه في علم اللغة من جامعة القاهرة، فعين مقررا لقسم اللغة العربية بكلية التربية في جامعة بغداد.

و قد كان له حضور فاعل في ميدان العمل الأكاديمي ؛ إذ عمل أستاذا في عدد من الجامعات العراقية والعربية، كما ترك تراثا علميا قيما، عني فيه بدراسة اللغة العربية و علومها المختلفة، و منها : أبو عثمان المازني و مذاهبه في الصرف و النحو و الأزهري و المعجمية العربية و أبحاث و نصوص في فقه اللغة العربية، و مشكلات في التأليف اللغوي في القرن الثاني الهجري، و التطبيق العملي لمنهج البحث اللغوي، و مباحث في علم اللغة و اللسانيات، و العربية و علم اللغة المعاصر، و معجم الأصوات اللغوية، و لم يقتصر جهد الدكتور رشيد العبيدي على هذه المؤلفات و إنما كانت له بحوث و دراسات نشرها في عدد من الدوريات العراقية و العربية، كما اختير عضوا في المجمع العلمي العرقي.

و قد توفي الدكتور رشيد العبيدي رحمه الله يوم السبت الموافق : 22 / المحرم الحرام / 1428 ه = 10 / شباط / 2007 م .

مجال اللغة و درستها، شارحا أو ناقدا، فمن يطلع على نتاجه العلمي سيجد أنه لم يكن حبيس القديم من تراثنا العربي، بل كان منفتحا في توجيهاته الفكرية و قراءاته ما يصدر من جديد في ميدان اختصاصه و هو ما أتت ثماره في بعض نتاجه الذي أشرنا إليه سابقا.

و تأتي دراستنا هذه للوقوف مساهمته في مجال نقد الدرس اللساني خاصة ؛ و بيان موقفه منه، أكان من أنصار الأخذ بكل ما جاءت به المناهج اللسانية أم أن له موقفا آخر منها ؟إذ يهدف هذا البحث إلى تحديد أهم الملامح التي اتسم أهم الملامح التي اتسم بها نقده للسانيات ؟و علام بني موقفه منها ؟كما ينطلق هذا البحث من سؤال-يراه أساسيا-و هو اطلع الدكتور العبيدي على الجهود اللسانية اطلاعا عميقا و تمثلها في مصادرة الأصلية حتى تمكن من نقدها ؟كما يسعى هذا البحث إلى تحديد ما دعا الدكتور اللسانية أو مناهجها، مع بيان السبب.

تتضح عناية الدكتور رشيد العبيدي في البحث في اللسانيات و التعريف بها في كتابيه : العربية و علم اللغة المعاصر، و مباحث في علم اللغة و اللسانيات، يضاف إليهما بعض البحوث التي خصصها لذلك، مما سيرد ذكره في أثناء هذا البحث إن شاء الله.

و قد كانت مرجعيات الدكتور رشيد العبيدي في دراسة اللسانيات تتمثل في مجموعة من المصادر الأساسية أو الأصلية ككتاب محاضرات في علم اللغة العام لفردينان دي سوسير، باللغة العربية و ليس بلغته الأصلية، و مثله البنيوية لجان بياجيه، وعلم الدلالة لجون لاينز، و الغالب عليها باللغة العربية مثل علم اللغة مقدمة للقارئ العربي للدكتور محمود السعران، و اللغة بين المعيارية و الوصفية للدكتور تمام حسان، و مشكلة البنية للدكتور زكريا إبراهيم، و الألسنية علم اللغة الحديث للدكتور ميشال زكريا، و الألسنية التولدية التحويلية له أيضا، في اللسانيات للحناش محمد، و المنهج الصوتي في البنية العربية للدكتور عبد الصبور شاهين، و دروس في أصوات العربية لكانتينو، و التصريف العربي للطيب البكوش، و دراسات في علم أصوات العربية للدكتور داود عبده.

هذه كانت أهم المصادر و المراجع التي عاد إليها الدكتور، و قد اختلف زاوية توظيفها والعودة إليها في منهج بحثه في هذا الباب فاعتمد بعضها في عرض مناهج البحث اللساني كالمنهج الوصفي و التوليدي و التحويلي و في عرض المستويات التي تقسم عليها اللغة عند الدراسة كعلم الأصوات النطقي و السمعي و علم النحو و الدلالة و غيرها، و يبدو من العودة إلى إحالات الدكتور العبيدي، في كتبه التي عني فيها باللسانيات، أنه اعتمد غالبا المراجع العربية و كان من أكثرها البنيوية في اللسانيات، و مشكلة البنية في الكشف عن ملامح التناقض بين النظريات اللسانية، كما اعتمد بعض الكتب العربية مثل : المنهج الصوتي في البنية العربية، و التصريف العربي، و دراسات في علم أصوات العربية للدكتور داود عبده ؛ في تبيان أخطاء بعض المحدثين في تطبيق النظريات و المناهج اللسانية الغربية على اللغة العربية.