النزعة الصوفية في الرسم العراقي الحديث

Abstract AR

إن هناك علاقة بين التصوف و الفن، أي بين التجربة الصوفية و التجربة الفنية، و هذا ما جعل الفنان و من خلال اشتغالاته على السطح التصويري، أن يعمل على تحريف و تشويه أشكال العالم الخارجي بعيدا عن التشبيه و التشخيص، و الاتجاه نحو التجريد.

حيث نجد أن هناك تداخلات و تمثلات صوفية في نتاجات الفن العراقي المعاصر و لا سيما الرسم بشكل خاص، إذ إن هذه التمثلات ظهرت في اغلب اتجاهات الرسم ذات المنحى الروحي، لذلك وجد الباحث من الضروري دراسة و تقصي النزعه الصوفية المتواجدة في نتاجات الرسم العراقي الحديث.

لذا نتلمس مشكلة هذه الدراسة بالآتي : لطروحات النزعة الصوفية المفاهيمية منها و الفلسفة أثرها الفاعل في تطبيق النزعة الصوفية في الرسم العراقي الحديث ؟.

و تتجلى أهمية هذه الدراسة و الحاجة إليها من خلال الآتي : يعد هذا البحث محاوله جادة (على حد علم الباحث) في موضوع النزعة الصوفية في الرسم العراقي الحديث.

و يهدف البحث الحالي إلى : تعرف آليات اشتغال النزعة الصوفية في الرسم العراقي الحديث.

ثالثا : حدود البحث : يتحدد البحث الحالي بدراسة نماذج مصورة للأعمال الفنية، في حدود التشكيل العراقي الحديث.

الرسم على وجه الخصوص للفترة من (1960 م-2010 م).

رابعا : تحديد مصطلحات البحث :الصوفية (MYSTICISMS) إجرائيا :هي الارتقاء من المعطيات التجريبية و مظاهر العالم المادي و الحسي إلى عوالم روحية مثالية تكشف عن الحقائق الخفية الكامنة في الأشياء.

كما جاء في الإطار النظري الآتي : الصوفية في الفكر الفلسفي الإسلامي / أكد الحلاج (244هـ-309هـ) في مذهبه على مبدأ الطبيعة الإلهية الثنائية (اللاهوت و الناسوت)، أي مبدأ الاتحاد بين الذات الإلهية و الذات الإنسانية، و هذا ما يسمى بالحلول و الاتحاد، و للحلاج وقفة متأنية في العلاقة المتبادلة بين الله و الإنسان، و هو ما أطلقت عليه الدراسات الحديثة نظرية الحلاج في أل (هو) استنادا إلى إحدى مناجاته : ايا من هو أنا، و أنا هو.

(كما جاء في الإطار النظري (المبحث الثاني) مقاربات الصوفية في الرسم العراقي المعاصر) لقد انماز الرسم العراقي بتعدد و تنوع أساليبه من خلال النتاجات الفنية منذ بداياته، فهناك من الفنانين من اتخذ الواقع في تأكيده على المعطيات الحسية أساسا في نتاجاته من خلال التسجيل الحرفي و المحاكاتي للواقع ، و هناك من جاء بنتاجات ذات ملامح تعبيرية تؤكد الجانب الاجتماعي و السياسي و الثقافي، و نظرا لسعة مجتمع البحث، و تعذر إمكانية حصر أعداده إحصائيا، لطول الفترة الزمنية من (1960-2010)، فقد اطلع الباحث على ما منشور و متيسر من مصورات للوحات الفنية في المصادر ذات العلاقة، و من أجل تحقيق هدف البحث الحالي (التعرف على آليات اشتغال الملامح الصوفية في الرسم العراقي المعاصر)، فقد اعتمد الباحث المؤشرات التي انتهى إليها الإطار النظري في بناء أداة البحث، و كذلك اعتمد الباحث المنهج التاريخي في تسلسل تحليل عينة البحث، ليس طبقا لأسماء الفنانين أو تاريخهم الفني أو شهرتهم الإعلامية، أو مدى تأثيرهم في الحركة التشكيلية العراقية المعاصرة، بل وفق التسلسل الزمني لإنتاج هذه الأعمال، و قد توصل الباحث إلى أهم النتائج و هي : 1- أن الملامح الصوفية تجسدت في نتاجات الرسم العراقي المعاصر، فمن خلال الخطوط بأشكالها الهندسية و العضوية و أنواعها المختلفة، تجسد الزهد الصوفي، حيث إن بساطة الخطوط تمخضت عنها المعاني الباطنية و الروحية لإبراز المعنى الاستبطاني لموضوع العمل الفني.

2- برز ملمح الزهد من خلال اللون الذي ظهر في الأعمال الفنية لرسامي الفن العراقي المعاصر، أما الأشكال الهندسية فقد ظهرت بزهد عال وفق مفهوم التطهير، من خلال بحث الرسام العراقي عن اللاتشبيه و عن النقاء الروحي المثالي.

و كانت أهم الاستنتاجات : أن اللوحة التصويرية التي تمتلك ملامح التصوف لا تعبر عن فكر اجتماعي و تاريخي، إنما في مجملها انفتاح على ثيمات ذات دلالات مطلقة.

إن التسطيح و الاختزال سمتان قائمتان في العمل الفني الذي يحمل ملامح صوفية، حيث لا وجود للزمان و المكان.

و جاءت التوصيات في ضوء ما أسفر عنه البحث من نتائج و استنتاجات اطلاع دارسي الفن و النقد الفني و الدراسات الجمالية على أثر انعكاسات ملامح الفكر الصوفي في الفن العراقي المعاصر.

جعل ملامح الصوفية ضمن المواد الأساسية لطلبة الدراسات الأولية و العليا لما لها من علاقة في توجهات الفنان الذاتية نحو المعاني الروحية و الإسلامية.

- يقترح الباحث إجراء الدراسات آلاتية لإكمال مسيرة البحث الحالي : 1- الملامح الصوفية في رسوم ما بعد الحداثة.

2- الملامح الصوفية في رسوم الأطفال.