الخطاب التوجيهي في الحديث النبوي الشريف في ضوء اللسانيات التداولية

Abstract AR

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين محمد و آله الطيبين الطاهرين و صحبة المنتجبين، و بعد : للحديث النبوي الشريف مكانة عظمية و أهمية كبيرة في ديننا الحنيف، فقد بين الحديث الشريف الأحكام التي نزل القرآن الكريم، من حيث تخصيص عامة و تقييد مطلقه و تفسير مبهمة ...

الخ، فتتمثل أهمية الحديث الشريف كونه المصدر الثاني للتشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم، فضلا عن كونه التطبيق العملي للقرآن الكريم.

و الغاية من هذا البحث تتبع الخطاب التوجيهي و حضوره عند الرسول الكريم (صلى الله عليه و آله و سلم) من خلال أحاديثه المروية عنه، و الكشف عن هذه الأحاديث و أهميتها في إيصال المعنى المطلوب، فكل ما صدر عن نبينا الكريم (صلى الله عليه و سلم) من قول أو فعل أو تقرير جاء لتوجيه المسلمين كافة.

و لتحقيق ذلك ؛ أي تتبع الخطاب التوجيهي للرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) من ناحية، و الموقف من هذا الحضور الواضح في الدرس اللغوي الحديث ذي الطابع التربوي و الأخلاقي من ناحية أخرى نوزع عملنا على المطالب الآتية : المطلب الأول : مفهوم الخطاب في الثقافة العربية الإسلامية و الغربية.

المطلب الثاني : جمالية و بلاغة الخطاب في الحديث النبوي الشريف، فنبينا الكريم أبلغ العرب و أفصحهم لساناً، فكلامه المنبع الذي تستقى منه علوم البلاغة و يتمثل به أهل الفصاحة و البيان.

المطلب الثالث : التعريف بالخطاب التوجيهي و بيان أهميته و مدى تأثيره في المجتمع.

المطلب الرابع : الوسائل اللغوية في الخطاب التوجيهي في الحديث النبوي الشريف، و من أهمها : الأمر، النهي، النداء، التحذير، التوجيه بذكر العواقب ...

الخ.

و توصل البحث إلى نتائج عدة من أهمها : • أن التعدد في مفاهيم الخطاب و المنطلق من تعدد التصورات و النظريات جعلها تحقق التكامل في تحديد مفهوم الخطاب من جوانبه المختلفة (اللسانية، و التواصلية)، فالخطاب وحدة تواصلية إبلاغية، ينتجه مخاطب معين، و يوجهه إلى مخاطب معين، و يكون ضمن سياق معين.

• جمالية الألفاظ و المعاني في الخطاب التوجيهي واضحة و صريحة، إذ كان الرسول عليه و على آله أفضل الصلاة و السلام يستعمل كل ما فيه من جمالية لإبلاغ المخاطب بما فيه مصلحة الفرد و المجتمع، فكانت ألفاظه بغاية البلاغة و الجزالة لا ينفر منها السامع.

• يؤدي السياق دورا مهما في تحديد نوع الخطاب، و كذلك في فهم الخطاب، إذ اختلف السياق في الأحاديث النبوية مما جعل أساليب تخاطبه مع الناس تختلف من سياق لآخر.

• اهتم العلماء العرب القدماء بالأفعال التوجيهية و اتضح ذلك من خلال الدراسات النحوية و البلاغية و الأصولية.

• اعتمد الرسول عليه الصلاة و السلام على الخطاب التوجيهي ؛ لأنه الأنسب لتوجيه الناس إلى ما جاء به الإسلام.

• إن وجه المنفعة في الأحاديث النبوية هو باتجاه المرسل إليه ؛ لأن الرسول عليه الصلاة و السلام وجه الناس إلى ما فيه خير و منفعة لهم.

• تعدد آليات التوجيه في الأحاديث النبوية الشريفة فقد تنوعت بين أمر و نهي و تحذير، و عرض، و نداء.

• أكثر آليات التوجيه في الحديث النبوي هي الأمر و النهي ؛ لكونها الأكثر استعمالا في اللغة العربية و الأكثر وضوحا.

• تعدد معاني الأمر في الحديث النبوي الشريف و ذلك لتعدد السياقات.

• استعمل الرسول عليه الصلاة و السلام الأمر بصيغة فعل الأمر "افعل" في أكثر الأحاديث.

• احتواء كثير من الأحاديث على أكثر من آلية من آليات التوجيه.

• استعمل الرسول الكريم-كما بينا-أكثر من أسلوب لغوي في خطابه التوجيهي ؛ و ذلك إن دل على شيء فإنما يدل على إحاطته عليه الصلاة و السلام باللغة العربية و معانيها و أساليبها.