الأسس الفلسفية لمفهوم الجنوسية

Abstract AR

يعد خطاب المرأة من أهم الخطابات التي شغلت الدوائر الثقافية و الفكرية و الإعلامية و الأكاديمية و السياسية المعاصرة في المجتمعات الأورو أمريكية تحديدا و في مختلف البلدان و الشعوب العالم اجمع و قد أرتبط ذلك الخطاب منذ اللحظة الأولى لميلاده في قلب مشروع الحداثة الأوروبية المظفرة منذ أواخر القرن الثامن عشر حتى اليوم بسلسلة متنامية من المفاهيم و المصطلحات و الرموز و الأفكار و النظريات و التصورات التي منها الجندر و الجنوسية و النوع الاجتماع و الأنوثة و الحركة السنوية و الأدب النسوي و حقوق المرأة تحرير المرأة تمكين المرأة مشاركة المرأة الأنوثية الجنسانية تنظيم النسل الهيمنة الذكورية البطريكية و مفهوم القمع ..الخ و خطاب المرأة لم يعد يقتصر على الدلالة اللغوية المفهومية بل اخذ يتجسد في جملة واسعة من الممارسات و المستويات التاريخية و الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية و الثقافية و العرفية و الأخلاقية و الجمالية و الحقوقية ففي كل مجالات و انساق الحياة العاصرة أصبح للمرأة و قضاياه حضورا قويا و فعالا فعلى صعيد المعرفة العلمية على سبيل المثال أصبحت المرأة و لأول مرة في تاريخها ذاتيا و موضوعا للعلم منفعلة و فاعله فيه إذ ظهرت هناك عدد من العلوم الاجتماعية و الإنسانية الخاصة بالمرأة مثل علم نفس المرأة علم اجتماع المرأة علم انتريولوجيا المرأة علم إعلام المرأة علم إعلام علم اقتصاد المرأة علم نفس الأمومة و علم اجتماع الأسرة و علم الخدمة الاجتماعية و المرأة و أنوثة الفقر الفلسفة النسبية و الأدب النسوي و تاريخ النساء و أنوثة العلم أو ابستمولوجيا جديدة بل أصبح للمرأة كليات جامعية و مراكز يمنية و أقسام علمية و في مجال التربية و التعليم و الطب ينفتح الشهد النسوي على مجالات و ممارسات واسعة و متعددة إذ يعد الطب النسوي المتصل بمراكز تنظيم الحمل و أمراض النساء الولادة و أدوات التجميل من المجالات الخصبة في اقتصاد العالم المعاصر.

و أصبح العالم اليوم يتحدث عن العالمات و الأديبات من النساء الحائزات على جائزة نوبل.

و رغم أن الاهتمام بالمرأة من حيث هي إنسان ج ذيد بالاعتبار يعود إلى عصر التنوير الحديث في القرن الثامن عشر فان الثورة الحقيقة للخطاب النسوي المعاصر بدأت منذ سبعينيات القرن الماضي إذ أن الوقيد الانفعالي الذي أخذ يشتمل بشأن المرأة و قضاياه ا في الربع الأخير من القرن العشرين بدأ معه الأمر و كأن العالم قد اكتشف لتوه و فجأة هذا الكائن اللطيف الجمال الخصيب البدع الأنيس الضب الساحر الفتان الكائن الإنساني جدا الكائن الخفيف الذي لا تحتمل خفته حسب ميلان كونديرا هكذا بدا الأمر و كأننا بإزاء اكتشاف كائن إنساني جديد و كأن المرأة لم تكن هي ذلك الكائن الذي صاحب أبونا ادم منذ فجر الحياة الإنسانية و عاشت معه في كل زمان و مكان منذ اكتشاف المرأة العاصر بدأت تقع من العيون نظرة جديدة مختلفة كليا عن سابقتها نحوها على الأقل في الغرب. هكذا ظهرت المرأة و كأنها اكتشاف للعالم العاصر و بسبب ما يشهده العام المعاصر من عولمة و التي تعني انكماش الزمان و المكان و التفاعل و التواصل و الاحتكاك و التأثير و التأثيري الشعوب و الثقافات و الدول و المجتمعات سرعان ما شاع خطاب المرأة و مفاهيمه الآتية إلينا من بلاد الشمال في مختلف جهات الأرض و قد كان علينا نحن القاطنون و هذه المنطقة المتوسطة من الأرض أن نتأثر و نتفاعل مع كل ما تأتي به رياح العولمة العاصفة و قد أخذنا نتلقف ذلك الخطاب بما يحمل من مفاهيم و اصطلاحات و رموز و دلالات و ترجمتها إلى لغتنا العربية بدون أن نكون على وعي عميق بمعانيها التي تشكلت سياقات تاريخية مختارة محاولين إنشاء خطابنا العربي في المرأة و قضاياها و السؤال هنا هو كيف يمكن لنا فض و تفكيك البنية المفهومية لخطاب الجنوسية المعاصرة هذا ما سيكون محط اهتمامنا في هذه الورقة البحثية إذ سيكون علينا تحديد و تعريف المفاهيم الأساسية في خطاب الجنوسية. و التعرف على أسسها الفلسفية التي شكلت الخلفية الثقافية السياق التاريخي لنموها و ازدهارها في بيئة صناعية قافية مغايرة أوربية حداثية علمانية و كيف يمكن لنا استعمالها في بيئة ثقافية ما قبل حداثية عربية إسلامية لازالت تهيمن فيها النظرة الجاهلية و اللاهوتية التقليدية الذكورية إلى المرأة من حيث هي عورة بحب أن تنتفي عن الأنظار.