النموذج التركي وإسلاميو الربيع العربي

Abstract AR

ما إن أسقطت ثورات الربيع العربي حكامها، و أنظمتها، و بدأت الجماهير العربية في البحث عن نظام جديد و بديل عن تلك النظم الغاشمة، حتى برز الحديث عن النموذج التركي، خاصة أن حزب العدالة و التنمية حقق نجاحات على كثير من الأصعدة، سواء السياسية أو الاقتصادية.

و قد دفعت تلك النجاحات كثيرا من القوى السياسية، بمختلف مشاربها الليبرالية و الإسلامية، إلى الثناء على ذلك النموذج، و ذكر محاسنه، فالليبراليون يرون أنه بديل مقبول لديهم عن تيارات إسلامية أخرى، أمثال الإخوان و السلفين، و بعض الإسلاميين يرى أن تجربة حزب العدالة جديرة بالاحتذاء، خاصة أنها استطاعت تفويت الفرصة على المتربصين الذين يبيدون إجهاض التجربة الإسلامية منذ بدايتها و قبل اكتمالها.

تهدف الدراسة إلى بحث موقف الإسلاميين من هذه التجربة، و خاصة موقف إسلامي الربيع العربي في مصر و تونس ؛ حيث تعرض لموقف جماعة الإخوان المسلمين التي جاءت تصريحات قياديها -سواء من التيار المحافظ أو التيار الإصلاحي— لتعلن رفضها النموذج التركي كمسلمة للتطبيق على الواقع المحوري.

ثم تناول الدراسة على موقف حزب الوسط الذي يرى انمّون أنه أقرب الأحزاب المحمية إلى فكر العدالة و التنمية، و من ثم فهم يرون أنه أكثر الأحزاب احتمالا في العمل على تمثل هذا النموذج التركي في الحياة السياسية.

ثم تتناول الدراسة موقف التيار السلفي من حزب العدالة و التنمية، لتصل إلى موقف إسلاميي تونس و حركة النهضة من التجربة التركية من تحاول الدراسة تقديم الرؤى المختلفة لمشروع العدالة و التنمية، فبين من يرى أنه مشروع يلتزم بالقواعد العلمانية شكلا، و يضمر السعي نحو المشروع الإسلامي الشامل، و بين من يعتبره مشروعا يسعى إلى استبدال العلمانية التركية المتوحشة بعلمانية معتدلة تحافظ على ما يسمى بالهوية الحضارية الإسلامية، فيما يرى فريق ثالث أنه مشروع يتنازل عن المشروع الإسلامي، و ينطوي على رقية استسلاميه، و فريق رابع يطرح رقيته بأنه مشروع برجماتي يقدم حلا توافقا يعمل على تأويل الإسلام للتوافق مع العلمانية القائمة في سبيل النجاح الواقعي للتقدم التركي، أو لقادة الحزب، أو لكليهما على السواء.

إن الحكم على النموذج التركي بالفشل أو النجاح أو دعوة التيارات و الأحزاب الإسلامية في الربيع العربي إلى التمثل به من عدمه ؛ يتحدد وفق منظورين للتعامل مع الموضوع : المنظور العقائدي، و المنظور البرجماتي (المصلحي).