مظاهر الوسطية في مواقف براغ اللسانية

Abstract AR

الوسطية ، مبدا مطلوب في كل شيء؛ لأنه يعني الاعتدال والاتزان.

والفضيلة أبدا وسط بين طرفين كلاهما مرغوب عنه؛ الإفراط والتفريط.

ولما كان كل فعل يقتضي رد فعل يقابله، كانت الآراء اللسانية المتطرفة تتدعي بالضرورة ردود فعل متطرفة ممائلة.

والآراء المتطرفة غالبا ما تكون مرفوضة؛ نظرا إلى أنها تنم عن استبداد بالرأي، واحتكار للحقيقة، ومصادرة لآراء الآخرين.

والمتأمل لمجمل مواقف مدرسة براغ اللسانية سمت بالوسطية التوفيقية بين المواقف اللسانية المتطرفة، والمتضادة، وقد تجلى ذلك بوضوح في وقوفهم وسطا بين التاريخية الصارمة لمدرسة النحويين الجدد، والوصفية المطلقة لأبيي اللسانيات الحديثة سوسير، من جهة، والوقوف وسطا كذلك بين المدخل اللوكي المادي المتطرف لبلومفيلد، والمدخل التجريدي الرياضي لهلمليف، من الجهة الأخرى.

هذا إلى جانب اتخاذهم موقفا وسطا أيضا بين من اهتم بوضع مناهج فقط، وأولتك الذين اهتنوا بوضع نظريات فقط، والوقوف وسطا كذلك بين مؤيدي مفهوم الفونيم من أنصار الفونولوجيا التقليدية، وبين معارضيه من أتباع مدرسة لندن على وجه الخصوص.

وهذا كله يعطي الانطباع بمرونة لائية محمودة تتمتع بها مدرسة براغ في تعاملها مع القضايا والمائل اللغوية؛ بحيث جعلت منها موئلا التقى فيه ما تفرق لدى الباحثين الآخرين من مواقف وآراء، فكانت من ثم رمزا لتعايش الآراء وتقاربها بدل تناقضها ونعارضها .