نشأة الأحزاب السياسية في تشاد و موقفها من السياسات الفرنسية (1944-1960)‎

Abstract AR

إن التاريخ الأفريقي هو الحلقة غير المكتملة الوضوح و الغامضة نوعا ما بالنسبة للعالم العربي على أقل تقدير، إذ أن الاستعمار الأوروبي عمل جاهداً على صهر كل شخوص و مجتمعات و دول ذلك العالم في بودقة المجتمع الغربي و سياساته، و حضاراته و أن أحد هذه الدول الأفريقية هي تشاد التي استعمرها الفرنسيون و عملوا على إذابة كل ما يشير إلى تلك الدولة من مجتمع و مواطنة و لغة و عادات حتى إن الإنسان التشادي نسى لغته و تكلم اللغة الفرنسية و أخذ ينظر إلى المستعمر الفرنسي على أنه القائد الأعلى له و أن تشاد هي مقاطعة فرنسية و ليس دولة لها كيانها و عالمها الخاص، و لذلك كله لم يصل إلى العالم العربي من تاريخ تشاد سوى القليل كما أن الباحث في ذلك التاريخ يجد صعوبة بالغة و ذلك لأن أغلب مصادره مكتوبة باللغة الفرنسية، و من هذه المنطلقات جميعها تظهر أهمية هذه الدراسة التي تسلط الضوء على تاريخ تشاد السياسي قبل الاستقلال و لتكون فاتحة لدراسات أخرى عن تاريخ ذلك البلد.

جاء عام 1944 كبداية للموضوع إذ أن هذا العام شهد عقد مؤتمر برازفيل الذي أعطى الضوء الأخضر للتشاديين للبدء بحياتهم السياسية و تشكيل الأحزاب، و حدد عام 1960 ليكون نهاية لهذه الدراسة و ذلك لأن في هذا العام حصلت تشاد على استقلالها و بدأت مرحلة جديدة من تاريخها السياسي.

قسمت هذه الدراسة إلى مقدمة و ثلاثة مباحث و خاتمة، فضلا عن قائمة المصدر فالمبحث الأول عنوانه (مؤتمر برازفيل عام 1944 و أثره في بدء الحياة السياسية في تشاد)، أما المبحث الثانين (نشأة الأحزاب السياسية في تشاد عام 1945) في حين أن المبحث الثالث كان عنوانه (موقف الأحزاب التشادية من السياسات الفرنسية 1944-1960)، أوضحت المباحث كيف بدأت الحياة السياسية في تشاد و ذلك عندما قررت فرنسا عقد مؤتمر في مدينة برازفيل عاصمة الكونغو الأوسط كي تعطي لمستعمراتها الأفريقية نوعا خاصا بها من الحياة السياسية عن طريق إشراك ممثليها في المؤسسات السياسية كما تم تناول الكيفية التي تشكلت بها أولى الأحزاب و الخلفيات العقائدية و ما هي أهداف تلك الأحزاب و الخلفيات العقائدية و المهنية لزعاماتها و ما هي برامجها، و لاسيما حزب الاتحاد الديمقراطي التشادي بزعامة عربي الغوني و الحزب التقدمي التشادي بزعامة جبريل ليزت، و كيف تعاملت هذه الأحزاب مع السياسات و القرارات الفرنسية كتوصيات (مؤتمر برازفيل) عام 1944 و مع الدستور الفرنسي لعام 1946 و الانتخابات العامة التي أقيمت في تشاد و تداعيات قانون الملاك الفرنسي الذي أصدرته فرنسا عام 1956 و مدى تأثيره على تشكيل الحكومات التشادية خلال فترة الحكم الذاتي الذي منحه الدستور الفرنسي لعام 1958 للمقاطعات الأفريقية.