السر المهني

Abstract AR

لاشك أن لكل إنسان أسراره الخاصة التي يرغب في عدم معرفة الغير بها أو الاطلاع عليها، و نجد بعض المهن و الأعمال تتطلب الاطلاع على سر من أسرار الشخص الخاصة التي لا يريد أن يطلع عليها أحد كالأطباء و المحامين و الموظفين العموميين، على سبيل المثال و ليس على سبيل الحصر، لوجود فئات عدة تدخل تحت المهن التي تتطلب عدم الإفشاء بالأسرار.

كثير ما يجد الفرد نفسه مضطرا إلى إباحة سره إلى غيره للعلاج أو الدفاع عنه، كما هو الحال عندما يلجأ الأشخاص بعينهم من ذوي المهن كالأطباء و المحامين و غيرهم، هنا لا جدال في أن السرية تمثل تطبيقا بل ضرورة للثقة المعهودة في هذه المهن، و من هنا ينشأ الالتزام على المعهود له بالسر عدم إفشائه ؛ لأن حفظ السر مزية من المزايا الاجتماعية، التي تصبح بمجرد الإدلاء بها واجبا أخلاقيا هاما، و إفشاء السر يشكل خيانة لهذه الثقة و نقصا من مبادئ الشرف و الأمانة.

و قد تضمنت كافة، القوانين و الشرائع واجب الحفاظ على الإسرار و تجريم إفشائها، ليس فقط لحماية صاحب السر و مكانته و مركزه و شرفه، فكل شخص الحق في احترام حياته الخاصة ؛ بل أيضا لصيانة و حماية المصلحة العامة في المجتمع و عدم تعريض المهن و المراكز السامية النبيلة للإهانة أو لعدم الثقة و الاحترام.

يتضمن موضوع السر المهنية الكثير من المشكلات التي تقف في بعض الأحيان عائقا لتحقيق الحماية الكاملة له، فمن أهم المشكلات تحديد معيار معين نستطيع من خلاله تمييز السر المهنية، و بيان نطاق الحماية اللازمة له، و كذا المصالح التي يريد إحاطتها بسياج هذه الحماية الجنائية، و إلى أي مدى يمكن الإباحة بالسر المهنية.

و لقد انتهت الدراسة إلى أن المصالح المحمية بالقانون للسر المهنية تشمل مصلحة صاحب السر سواء أكانت مصلحة خاصة أم مصلحة مادية أم معنوية، و تشمل أيضا مصلحة المهنة التي يعمل أصحابها على المحافظة عليها و أخيرا المصلحة العامة للمجتمع في كتمان بعض الوقائع و عدم إفشاءها و قصر العلم بها على عدد محدود من الأشخاص و هو ما تضمنته التشريعات المختلفة سواء المتعلقة بقانون العقوبات أم قوانين العمل أو غيرها.