سلطة التجارة و المال في الإسلام

Abstract AR

إذا كان طموح الإنسان إلى تحسين واقعه المعيشي و الاقتصادي و الاجتماعي مطلبا أساسيا له في حياته، حتى تتهيأ له أسباب الرفاهية و السعادة، فإن هذا الطموح يبقى مشروعا و مقبولا في القوانين الوضعية، و العلاقات الاقتصادية و الاجتماعية، إما إذا كان هذا الطموح هدفا أساسيا غايته، بالدرجة الأولى، الكسب و الثراء الفاحش، و تكديس الأموال و الثروة، و السعي وراء الملذات الشخصية، بغض النظر عن المبادئ الأخلاقية في جمع هذه الثروة، فإنه يصبح لوثة و مرضا، يفتك بالمجتمعات الإنسانية و قيمها الأخلاقية و المعرفية.

و تثبت الدراسات و المصادر و المراجع التاريخية أن المسلمين الأوائل، و من بينهم كثير من الصحابة، قد سعوا وراء هذه الملذات، و غرقوا في سعار الامتلاك، و السعي له، مما جعلهم يمتلكون الملايين من الدراهم و الدنانير، و الجواري و العقارات من بساتين و قصور فخمة.

إن حياة العرب و المسلمين في الجزيرة العربية قد تأثرت بالحضارات التي جاورت هذه الجزيرة، و تزامنت معها، و أثرت فيها في آن، عن طريق التبادل التجاري و السلعي، و كان انتقالهم إلى أصقاع الأرض لنشر الدين الإسلامي سببا رئيسا في ثرائهم، و حبهم لملذات العيش و التفنن في الحصول عليها، و ذلك من خلال تفاعلاتهم مع غيرهم في مجتمعات الحضارات المجاورة التي وصلوا إليها، عن طريق الفتوحات الإسلامية، إذ تفاعلوا مع هذه الحضارات ثقافيا و معرفيا و تجاريا، و من خلال هذا التفاعل زادت أملاكهم و أموالهم و قطاعاتهم الزراعية، على أن هذا الثراء لم يصب جميع أفراد الطبقات الاجتماعية، بل ظلت الغالبية العظمى من هذه الطبقات تعاني الجوع و الحرمان.

و يأتي بحثي الأكاديمي هذا ليدرس بعض مظاهر الثراء و المال، و دور التجارة في زيادة أملاك المسلمين الأوائل، و عقاراتهم من منازل و بساتين و خيول و أموال.