فلسفة الغيرية بين لفيناس وجاكلين روز

Abstract AR

تعتبر فلسفة الأخلاق من بين الفلسفات الهامة، والتي جذبت إليها عقول الفلاسفة قديما وحديثا، لما تكتسيه من أهمية بالغة في هيكلة الفرد والمجتمع، وتشكل الأخلاق دورا حاسما في صلاحها، وتبعث على تقدم الأمم والشعوب، إن كانت قائمة على معايير سليمة، وتكون عاملا رئيسيا في فساد الفرد والمجتمع وتخلف الأمم والشعوب إذا كانت قائمة على معايير فاسدة، أي كانت أخلاق الشر.

والمتتبع لفلسفة الأخلاق سيدرك أن استفحال النظرة الذاتية في فلسفة الأخلاق كان سببا في الصراع الفكري وتبادل الاتهامات الفلسفية والنيل من مذهب الآخر، ولم يتوقف الصراع على المستوى الفلسفي، بل تحول إلى صراع سياسي كثيرا ما أدى إلى قيام فتن وحروب دفعت البشرية ثمنها غالية، والمتتبع لتاريخ الفكر الفلسفي الأخلاقي يدرك حقيقة هذا الصراع، كما سيدرك انتعاش القيم الأخلاقية التي تنادي بها البراغماتية وفلسفة القوة لدى نيتشه، هاتين الفلسفتين كان لهما تأثير على الحياة الإنسانية وطغيان الجانب المادي عليها، كما أنعشت هذه الفلسفات فكرة التسلط والاستبداد تسلط واستبداد القوي على الضعيف خاصة في بعض الفلسفات الأوربية الحديثة والمعاصرة بداية من ميكيافلي وغيرة ، وهذا ما حمل جاكلين روز على قراءة الفكر الأخلاقي الأوربي قراءة تحليلية نقدية من خلال تطرقها لفلسفة الغيرية عند لفيناس وتتبع فلسفة القوة على غرار فلسفة نيتشه، الفلسفات الأخلاقية الأخرى كفلسفة كانط وفلسفة هيدجر وغيرهم لتنتهي إلى تأسيس فلسفة أخلاقية جديدة بإشكال وهي فلسفة قريبة من فلسفة الغيرية عند لفيناس لكنها تختلف عنها بعض الشيء.

ويمكن القول أن هذه الفلسفة الأخلاقية جاءت كرد فعل على كل الفلسفات التي تنادي بالتمييز واحتقار الآخر.

وتوصلت في نهاية بحثي هذا إلى أن فلسفة كل من لفيناس وفلسفة روز الأخلاقية قد أعطت أهمية للغير ومجدته واعتبرته المرآة التي نبصر بها ذواتنا، لهذا فالعلاقة يجب أن تأخذ شكل "أنا-أنت" بدل "أنا-هو" أي اعتراف بدل تهميش الغيرية ونبذها، على أساس أن عملية الاعتراف هذه كما تقول "روز" ستمكننا من الخروج من النرجسية والأنانية.

وأكدت روز أن الايتيقا هي سبيل لفيناس الذي رفض الفلسفات المتمركزة على الذات، فقد قدم "لفيناس" للفلسفة المعاصرة أعمالا جليلة فيما يخص مبحث الأخلاق، مبرزا العلاقة بين الأنا والآخر القائمة على المحبة والصداقة والعطاء الإنساني.

وتلح "روز" وكذا لفيناس على ضرورة الاعتراف بالغير، وضمن الاعتراف بالآخر واقعيا يتحمل الأنا مسؤولية اتجاهه ويجب احترامه كونه إنسان وكونه غاية في حد ذاته.

لذا يجب أن يحاط بالتقدير التام بغض النظر عن جنسه وعرقه ودينه.