البطل من منظور جول ميشليه

الملخص AR

سواء أكان حقيقيا أم من نسج الخيال يبقى البطل و احدا : "إنه القادر على القيام بعمل لا يستطيع غيره القيام به.

و في حياة كل فرد و مجتمع بطل أو أكثر يمثل القدرة البشرية في أوجها: إنه البارز و المميز.

و هو أيضا قيمة أخلاقية و معنوية و مثل أعلى و مصدر زهو المجتمع سيما عندما يكون المجتمع في ذروة ضعفه و تأزمه.

و كأني بالبطل تارة حلم و تارة أخرى مجرد تعزية".

في كل الحضارات حظي البطل بمكانة كبيرة في الممارسات الاجتماعية و الدينية و أعطته طقوس الاحترام نفوذا و جعلت منه قيمة مثلى و أنموذجا يحتذى ففي الميثولوجيا الكلاسيكية مثلا جرى الاحتفال بالقوة الكبيرة و الشجاعة و الجرأة التي يمنحها الله للبطل فتولد معه لإعطاء معان أخرى للحياة التي ينشأ فيها.

على الرغم من ظهور الأسلحة النارية في القرن 16 ظل السلاح الأبيض مستعملا في بعض الحروب حتى بدايات القرن 20 فالحرب العالمية الثانية مثلا خيضت خلالها معارك عديدة بالفرسان و الخيول و السيوف.

مع ذلك فقد اختفي أبطال السيف منذ عصر النهضة في أوربا و إذا لم يكن ظهور السلاح الناري هو من قضى على البطل المحارب فمما لا شك فيه أنه لا يدعم إحياءه على الإطلاق فالأسماء اللامعة في الحروب المعاصرة هي للجنرالات و الساسة أصحاب القرار وليست أبدا أسماء أبطال الميدان الذين قضوا على الكثير من الأعداء.

يعزى ذلك إلى العقلانية التي بدأت تسيطر على نمط التفكير في أوربا منذ عصر النهضة و بلغت ذروتها في عصر الثورة الصناعية وغيرت مفاهيم كثيرة بتغييرها لحاجات المجتمعات على الصعيد الوجداني.

مع انتشار الأفكار القومية الأوربية خلال القرن 19 التهبت المشاعر و أعطيت قدسية و ربما ألوهية للبطل القادر على تحقيق إنجاز ضخم لصالح المجتمع والوطن و ذلك بفضل تنظيرات عدد من المفكرين الشوڤينيين أمثال جول ميشليه Jules Michelet الذي كان له تمثل خاص للبطل و هو ما سنقوم بتحليله في هذه الدراسة التي اتبعت فيها المنهج التاريخي معتمدا أهم المصادر و المراجع في الموضوع.