بعض المتغيرات المجتمعية و انعكاساتها على دور الأسرة في تربية الفتاة للحياة الزوجية : رؤية تحليلية

الملخص AR

يعد الفرد الركيزة الأساسية في بناء المجتمع لذا فقد اهتمت التربية اهتماما كبيرا بالمحضن الذي يقوم علي رعايته و العناية به وهي الأسرة إذ لا تغني البدائل الأخري عن هذا المحضن المهم مهما بلغت من العناية و الاهتمام بمن يعيش في أوساطها.

و يمثل الزواج رابطة شرعية تربط بين الرجل و المرأة و به يحفظ النوع البشري و هو أمر حثت عليه الشرائع السماوية بل و ضرورة من ضروريات الحياة التي تحفظ بها الأنساب و تصان به الأعراض وقد حث الإسلام عليه و رغب فيه كما رغب فيه رسول الله – صلى الله عليه و سلم - و حث الشباب للأخذ به في تأكيد صريح على أنه من ضروريات الحياة فقال: ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ).

( البخارى 1985 1068)
إن ديننا الحنيف لم يدع صغيرة و لا كبيرة في حياة الإنسان إلا و شملها ووضع لها أحكاما تناسبها وقد تعهد الله بحفظها في مصدري التشريع الإسلامي القرآن الكريم و السنة النبوية بقوله تعالي: (إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون) ( الحجر آية9) و من فيض نعم الله على آدم وذريته أنه شرع لهم ما يضمن بقاءهم حتى قيام الساعة وذلك عن طريق الزواج و الترغيب في تكوين الأسرة.

إن الأسرة هي الصورة المثالية للحياة الهادئة المستقرة التي تلبي رغائب الإنسان و تفي باحتياجاته لذلك سن الله لأفرادها حقوقا وواجبات حتى تستقر و تستمر و يقيها من الانهيار و حتى تؤدي وظائفها على أكمل وجه و أكبر هذه الوظائف و أهمها هي وظيفة إنجاب الذرية و من ثم تربيتها ورعايتها و هذا هو الهدف الرئيس للترغيب في الزواج.

و على الرغم من وضوح دلالات النصوص الشرعية في وصف الحياة الزوجية بالسكن و الاستقرار و الاطمئنان تطالعنا أحداث الحياة الزوجية المعاصرة بالعديد من المتغيرات المجتمعية التي تمثل تحديات حقيقية تنعكس بشكل مباشر وغير مباشر على الحياة الزوجية و ما تحمله هذه المتغيرات من تأثيرات علي طريقة الفكر و السلوك و من هذه المتغيرات: الثورة الكنولوجية و الإعلام العصري و الاتصال الجماهيري و إيقاعات حركة التنمية السريعة و الحراك المادي و الاجتماعي و دخول عصر العولمة و ارتفاع مستوى الطموح و طغيان المادة و أدوات التواصل الاجتماعى حيث أسفرت تلك المتغيرات عن العديد من الظواهر السلبية مثل: انتشار ظاهرة المخدرات بين الشباب و المراهقين و ظاهرة العنوسة و الطلاق و الخلافات الزوجية و ضعف الرعاية الواجبة من قبل الأسرة لكبار السن و الاستعانة بالخدام و السائقين في عمليات التربية.

(ابن مانع 2009 8-10)
و من هنا يلزم التوعية الصحيحة بأهمية الحياة الزوجية ولما كانت الزوجة هي ركن أساسي في الحياة الأسرية فينبغى الاهتمام بها و تربيتها للقيام بمهام هذه الحياة لأن الدور التربوي المناط بالزوجة يفوق في العديد من جوانبه ما يمكن أن يقوم به الزوج من المهمات التربوية الأسرية حيث تتبوأ الزوجة مكانة مهمة في البناء الاجتماعي للأسرة إذ هي محور الحياة الزوجية و لئن كان الزوج يتقاسم مع زوجته مهمات الحياة الأسرية و يقوم بجزء كبير من المسؤوليات الأسرية فإن الزوجة بما حباها الله تعالي من الطبيعة الفطرية و كلفها من المهمات التربوية تفوق مسؤوليتها في الجملة مسؤوليات الزوج إذ أن جل مسؤولياته عامة تتمثل في النفقة الواجبة و الإشراف التربوي العام في الوقت الذي تنفرد فيه الزوجة بالحمل التربوي الأكبر حين تخوض التربية الأسرية بكل تفصيلاتها و معظم معاناتها حتي إنها من فرط امتزاجها بمشقة الإنجاب و التربية ترضي الجهد و الألم و تحمد المعاناة و كأنها جزء من كيانها و تركيبها الفطري.

( باحارث 2004 1-2)