متطلبات تطبيق مبادئ الإدارة الذاتية في مدارس التعليم قبل الجامعي : دراسة ميدانية بمحافظة الدقهلية

الملخص AR

هناك العديد من المتغيرات المعاصرة و التحولات الحضارية و الاجتماعية الشاملة التي فرضها التطور التكنولوجي المتسارع في عصر المعلومات و الاتصالات و ما خلفه من انفجار معرفي شامل في شتى الاختصاصات و العلوم و المفاهيم نتيجة لما يتسم به العالم بصفة عامة و العالم العربي بصفة خاصة من متغيرات معاصرة في ظل ما يسمى بالربيع العربي و ما ترتب على ذلك من تغيرات اجتماعية و سياسية و اقتصادية و مصر جزء من هذا العالم تتأثر به و تؤثر فيه و يعد التعليم قاطرة التقدم و العصب الرئيس لمحور هذه التغيرات لما لها من تأثيرات كبيرة عليه و على إدارته بمستوياتها المختلفة.

و نظرا لما تشهده الدول المتقدمة و النامية علي السواء- منذ الربع الأخير للقرن العشرين و حتي الأن– من موجات متتالية من حركات الإصلاح و التطوير التربوي، و لعل من أحدثها ما أطلق عليه- مؤخرا- إعادة هيكلة المدرسة كاتجاه معاصر ظهرت تطبيقاته في كل من: الولايات المتحدة الأمريكية و كندا و استراليا و نيوزيلندا، بهدف تحسين الفعالية المدرسية، وذلك من خلال سعي هذه الدول لمزيد من اللامركزية في إدارة تعليمها، و جعل المدرسة وحدة إدارية قائمة بذاتها: تعمل تحت قيادة واعية تصنع قراراتها بحرية و استقلالية، و تعزز من قدرات معلميها و تشارك في إعداد مقاييس جديدة لتقويم أداء كافة العاملين فيها و مساءلتهم، و تأخذ بآراء المشاركين لها في تحقيق التقدم الدراسي و تجويد مخرجاتها التعليمية (محمد العجمي 2015 25).

وفي ظل هذه التغيرات و التحديات المعاصرة تتعاظم الدعوة إلى تطوير النظم التعليمية و التربوية لمواجهة تأثيراتها و انعكاساتها المختلفة على الإدارة و الأداء الإداري في ظل نشوء مجتمع قائم على المعلوماتية و مجتمع ما بعد الصناعة و ما بعد الحداثة مما أحدث موجات متزايدة من التغير و الاهتزاز في النظم الدولية (زاهر 2000).

و بما أن التغيير أمر لابد منه، فقد برز في الآونة الأخيرة مفاهيم عديدة تسعى جمعيها نحو تطوير القيادة التربوية إيمانا منها بأهمية التغيير و التطوير، و منها هي تلك الإدارة التي تسعى إلى نقل القيادة في التعليم و مؤسساته من حال إلى حال، بمعنى إدارة إصلاح، و تطوير و إبداع و ابتكار (حجي 2005).

كما وقد ظهر مفهوم الإدارة الذاتية أو الإدارة المتمركزة على المدرسة و بدأت تتعالى الأصوات بلامركزية التعليم و الحاجة لوجود مدارس مستقلة، وقد طبق هذا النوع من الإدارة على العديد من الدولة الغربية و استطاع التألق و النجاح وذلك لقدرته على الحد من المركزية، التي تؤدى إلى الروتين و ضعف المشاركة و عرقلة الإجراءات، حيث سمحت الإدارة الذاتية للأفراد المؤهلين في المدارس و المؤسسات التعليمية باتخاذ القرارات المناسبة لتحسين التعليم و إعطاء كل أفراد تلك المؤسسات صوتا في اتخاذ القرارات الرئيسة، و بالتالي تحسين الروح المعنوية للمعلمين و تدريب قيادات جديدة على كل المستويات (Myers & Stonehill، 1993).

و برز التوجه نحو الإدارة الذاتية في المؤسسات التعليمية في ثمانينيات و تسعينيات القرن العشرين كوسيلة لتطوير أداء المدارس وتمكينها من التغلب على المشكلات التعليمية التي تواجهها (Fskylad، 2001) و يؤكد ذلك ما يراه مطورو التعليم في الدول الأجنبية التي لها تجارب عالمية و منها نيوزيلندا من أن الإدارة الذاتية للمدارس وسيلة مهمة لتفعيل دور القيادة التربوية فيها في تحسين و تطوير عمليتي التعليم و التعلم عن طريق جعل القرارات تتخذ من أقرب لمكان تنفيذها (Jamshidnejad، 2004).