حروف المعاني و أثرها في اختلاف المفسرين

الملخص AR

الحمد لله الذى علم آدم الأسماء كلها، و هيأ الإنسان للتعبير عن المعانى التى يحتاج إليها بأوجز الكلام و أحسن البيان، و اختار لهذه الأمة أحسن اللغات و أكملها، و شرفها بأن جعلها و عاء لكتابه، و الصلاة و السلام على من أوتى جوامع الكلم، أفصح من نطق بالضاد النبى الأمى القرشى و على آله و أصحابه الذين شربوا من مشربه، و كرعوا من حياض خلقه و أدبه، و بعد:
فإن القرآن الكريم بحره عميق، و فهمه دقيق، تفاوتت في فهمه الأذهان، و تسابقت في ادراك دقائقه و عجائبه العقول و الأبصار، أعيت فصاحته البلغاء و أعجزت بلاغته الفصحاء و الخطباء، فمنذ نزوله على قلب النبى صلى الله عليه و سلم و المسلمون عاكفون عليه قراءة و تدبرا، و دراسة و تأملا، لا يفارق قلوبهم و لا يغيب عن حاضر حياتهم حتى وقفوا على آياته آية آية، وعدوا كلماته كلمة كلمة، و أحصوا حروفه حرفا حرفا، و أفردوا كل ناحية منه بالبحث و التأليف، فقد كثرت البحوث و الدراسات التى تعتنى بأبواب اللغة العربية و مباحثها ما بين شامل و متخصص و مكثر و مقل، فلم يطرق باب من من الأبواب إلا وقد تحدث فيه من الأولين و الآخرين خلق كثير، ولما كانت الحروف أكثر دورا، و معنى معظمها أشد غورا، و تركيب أكثر الكلام عليها، و رجوعه في فوائده عليها ـ و بعد طول تدبر و تأمل في هذه الحروف ـ استخرت الله العلى الكبير فهدانى لأن أكتب بحثا في حروف المعانى في جانبين من أهم الجوانب التى يقوم عليها فهم القرآن، وهما جانب العقيدة و جانب الأحكام الشرعية، و لا أدعى في هذا البحث أننى حصرت جميع حروف المعانى التى تتعلق بالعقيدة أو بالأحكام الشرعية، و لكن بذلت جهدى و أزمعت بعون الله وتوفيقه على جمع بعض ما قيل في معانى الحروف غير قاصدة بذلك الاستقصاء أو الحصر، و إنما الغرض فهم بعض المسائل المترتبة على معانى تلك الحروف و تأثيرها في فهم الآيات القرآنية، و ما يترتب على اختلاف معانيها من اختلاف في الفهم و مذاهب في التفسير.