الأثار الخارجية الاقتصادية : النظرية و الحلول

الملخص AR

يشير مصطلح الأثار الاقتصادية الخارجية إلى التكلفة أو الفائدة التي يتحملها أو يستفيد منها طرف ثالث، و تكون ناتجة عن التصرفات الخاصة بأطراف المعاملات الاقتصادية، و هذه الأثار لا تكون مسعرة و فقأ لألية السوق، و تؤثر على الكفاءة الاقتصادية.

و لذلك، وجب تحليل مشكلة الأثار الخارجية للمعاملات أو الأنشطة الاقتصادية، باعتبارها أهم سبب من أسباب فشل السوق، وذلك من أجل التوصل إلى أهم الحلول اللازمة لمواجهة أو استيعاب هذه الأثار، سواء كانت سلبية أو إيجابية.

و هذا التحليل يتطلب عرض نظرية فشل السوق، وتوضيح مفهوم الأثار الخارجية، و أهم الانتقادات الفلسفية التي وجهت إلى هذا المفهوم.

ولتوضيح مفهوم الأثار الخارجية الاقتصادية، كان من المهم التطرق إلى الأصول التاريخية و الفلسفية لفكرة الأثار الخارجية في النظرية الاقتصادية.

وللتوصل إلى أفضل الحلول اللازمة لاستيعاب الأثار الخارجية، كان من الضروري عرض و تحليل أهم النظريات التي قيلت في الأثار الخارجية الاقتصادية، و خصوصا أهم الحلول التي قدمتها هذه النظريات.

وهناك كم كبير من الفقه الاقتصادي الذي يعالج مشكلة الأثار الخارجية الاقتصادية، بما في ذلك الدراسات النظرية و التجريبية التي تدور حول مفهوم هذه الأثار و تداعياتها و علاجها و المشاكل التي تسببها للكفاءة الاقتصادية، و كفاءة تخصيص الموارد الاقتصادية.

وهناك جانب من الفقه الاقتصادي لا يعترف بوجود الأثار الخارجية الاقتصادية، وذلك على أساس أن المشكلة لا تتعلق بتحديد المتسبب في الضرر و المضرور، و لكنها تتعلق بفكرة مدى إرساء الحقوق وحمايتها و تنفيذها، و خصوصا حقوق الملكية.

و هذا يعني أنه لا داعي لتدخل السياسة العامة في النشاط الاقتصادي لمعالجة الأثار الخارجية باعتبارها نوعا من فشل السوق، فيكفي الدولة تهيئة المناخ القانوني اللازم لسير النشاط الاقتصادي عموما.

أما بالنسبة للجانب الفقهي الأخر، و هو الجانب الأكبر، فيعترف بوجود الأثار الخارجية.

و لكن يظهر الخلاف داخل هذا الجانب الفقهي بشأن بعض الأمور الخاصة بتعريف و استيعاب الأثار الخارجية.

فهناك خلاف حول مفهوم الأثار الخارجية الاقتصادية، حيث لا يوجد تعريف شامل لهذه الأثار، بالإضافة إلى صعوبة تحديد الضرر الناتج عن الأثار الخارجية السلبية، و بالتبعية تحديد المتسبب في الضرر و المضرور.

و تظهر هذه المشكلة بسبب الطبيعة التبادلية للاثار الخارجية.

و أيضا داخل هذا الجانب الفقهي هناك خلاف حول كيفية استيعاب الأثار الخارجية.

فهناك اتجاه يرى أنه يمكن استيعاب الأثار الخارجية الاقتصادية عن طريق السماح للأطراف الخاصة بالتفاوض حول منع الأثار الخارجية، وأنه يجب ألا تتدخل الدولة في النشاط الاقتصادي من أجل استيعاب الأثار الخارجية، فكل مايجب على الدولة القيام به هو إرساء الحقوق و تخصيصها وحمايتها و تنفيذها، و خصوصا الحقوق الاقتصادية المرتبطة بحقوق الملكية.

إلا أن هذا الاتجاه قد تعرض للعديد من الانتقادات، و أهمها عدم واقعية افتراض غياب تكاليف المعاملات الذي يسهل عملية التفاوض بين الأطراف الخاصة المعنية بالأثار الخارجية.

أما الاتجاه الاخر فيرى وجوب الإجراءات التدخلية من جانب الدولة لاستيعاب الأثار الخارجية، سواء كان ذلك عن طريق منح الإعانات بالنسبة لاستيعاب الأثار الخارجية الإيجابية، أو فرض الضرائب التصحيحية بالنسبة لمنع الأثار الخارجية السلبية.

و يتمثل الهدف الرئيس لهذا الاتجاه في إظهار أن الأثار الخارجية عبارة عن الاختلاف بين التكلفة الخاصة الحدية و التكلفة الاجتماعية الحدية.

إلا أن هذا الاتجاه قد تعرض للعديد من الانتقادات على أساس أن تدخل الدولة قد يكون أكثر تشويها للنشاط الاقتصادي من الأثار الخارجية نفسها.

إذن، فالإشكالية الأساسية لهذا البحث تدور حول مدى إمكانية التوصل إلى أنسب الحلول اللازمة لاستيعاب الأثار الخارجية الاقتصادية.

فإذا تم إرساء و تخصيص و تنظيم و تنفيذ حقوق الملكية العامة و الخاصة، و أيضا تنظيم الجوانب الأخلاقية للمعاملات الاقتصادية، فإن ذلك سيساهم في استيعاب العديد من أنواع الأثار الخارجية الاقتصادية.