الحركة العمالية الفرنسية بين الثورة و الانقلاب (1848-1852)‎

الملخص AR

انخرطت الحركة العمالية الفرنسية في العمل السياسي منذ ثورة 1789 و تكاملت اركانها بعد كفاحها الطويل و المتأصل في الثورات و الحركات الفرنسية، التي ناهضت الحكم الملكي بين عامي 1830 و 1848، وقد كان عماد هذا التطور ركيزتين اساسيتين هما: التطور الصناعي و تأثير الثورة الصناعية، و نمو الفكر الاشتراكي بمختلف مشاربه و اختلاف قادته، الامر الذي فرض على الحركة العمالية التنويع في اساليبها، و ارتفاع قدراتها و تأثيرها على مجمل الحركة السياسية في اطارها العام، حتى بات العمال الورقة الرابحة في أي تغيير سياسي في فرنسا آنذك.

عمد العمال الفرنسيون، قبل غيرهم من الطبقات الاجتماعية في فرنسا، الى التغيير السياسي، و احداث انقلاب رأسي في سلم القيادة الفرنسية فقد تحولت مطالبهم السابقة من الاصلاح الاقتصادي و الاجتماعي بحكم مشاركتهم في الثورات السابقة، الى المطالبة بالسيطرة على مقاليد الحكم في فرنسا بعد مشاركتهم الفعالة في ثورة 1848 و تأثيرهم المباشر في إنهاء الحكم الملكي.

و هذا ما حصل بالفعل، فقد تمكن العمال الفرنسيون و لأول مرة في تاريخ الحركات العمالية في العالم، من الخوض في تجربة الحكم بين شهري اذار و حزيران من عام 1848، و تبنوا الافكار الاشتراكية التي عرضها لويس بلان (Louis Blanc) المتضمنة بناء الورش القومية و اصلاح القوانين العمالية.

وهنا تكمن أهمية الموضوع، اذ تعد تجربة العمال و مشاركتهم في ثورة 1848، ووصولهم الى مقاليد الحكم، حدثا بارزا في تاريخ فرنسا على نحو خاص، و تاريخ الحركات العمالية و الفكر الاشتراكي على نحو عام.

فضلا عن ذلك حددت المرحلة بين عامي 1848 و 1852 حجم الصراع الذي خاضه العمال، و تأثير ذلك الصراع السياسي على مسار الحركة، ليس في فرنسا و حسب، بل في عموم اوروبا، التي باتت عرضة لتأثيرات الافكار الاشتراكية، ولاسيما افكار كارل ماركس (Karl Marx) و بيانه الشيوعي الذي نشره قبيل ثورة 1848، فضلا عن اصداء الحركة العمالية داخل فرنسا و خارجها.